للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرد على القائلين بالمنع:

رد عليهم بوجوه متعددة نجملها فيما يلي:

أ – إن الأحاديث التي جاءت على خلاف حديث جذامة كثيرة ومتعاضدة في إثبات الجواز لا المنع، زد على ذلك أن بعضها يحكي عمل الصحابة كالآثار التي رواها مالك في الموطأ والتي بينت رأي وعمل سعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم (١) .

قال ابن القيم: وقد رويت الرخصة فيه (أي في العزل) عن عشرة من الصحابة: علي، وسعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب، وزيد بن ثابت، وجابر، وابن عباس، والحسن بن علي، وخباب بن الأرت، وأبي سعيد الخدري، وابن مسعود رضي الله عنهم (٢) .

ويروى عن بعض هؤلاء أنهم كانوا يكرهون العزل مثل علي ومثل ابن مسعود رضي الله عنهما، وقد صح عنه أنه قال: العزل الموءودة الصغرى، كما صح عن أبي أمامة أنه سئل عنه، فقال: ما كنت أرى مسلمًا يفعله.

وعن نافع، عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنهما ضرب على العزل بعض بنيه، وعن سعيد بن المسيب أن عمر وعثمان رضي الله عنهما كانا ينهيان عن العزل. قال ابن القيم: وليس في هذا ما يعارض أحاديث الإباحة مع صراحتها (٣) .

ب – إن حديث جذامة الذي هو مستند القائلين بحرمة العزل لا يقوم به الدليل؛ لأنه معارض بحديث أبي سعيد الخدري المتقدم، والذي جاء فيه: ((كذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه)) ، وهو الحديث الذي قال فيه ابن القيم كما سبق أن أشرنا: حسبك بهذا الإسناد صحة فكلهم ثقات حفاظ (٤) .

وهكذا نرى أن موقف العلماء أمام هذين المتعارضين، حديث أبي سعيد (كذبت اليهود) وحديث جذامة (ذاك الوأد الخفي) كان دائرًا بين الترجيح والجمع.


(١) الموطأ: طلاق: (٩٦) ، (٩٧) ، (٩٩) ، (١٠٠) .
(٢) انظر زاد المعاد: ١٦/٤ (المطبعة المصرية ومكتبتها – القاهرة) .
(٣) انظر زاد المعاد: ١٧/٤ (المطبعة المصرية ومكتبتها – القاهرة) .
(٤) انظر زاد المعاد: ١٧/٤ (المطبعة المصرية ومكتبتها – القاهرة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>