للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجلسة الصباحية

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

نواصل في هذه الجلسة بقية المناقشة عن موضوع " تغير قيمة العملة " ويستمر البحث فيها إن شاء الله تعالى إلى التاسعة والنصف فقط، لأن المفترض أن يكون موضوع هذه الجلسة هو موضوع " الحقوق المعنوية ". ولهذا فإن تغير قيمة العملة يستمر إلى التاسعة والنصف ثم ينهى ويكون الدخول في موضوع الحقوق المعنوية إن شاء الله تعالى. وأعطي الكلمة للشيخ العاني.

الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

السيد رئيس المؤتمر، في تصوري أن الخوض في إخضاع الوفاء في الديون لتغير القيمة أمر خطير ينبغي التبصر عند تكوين رأي فقهي فيه. لقد تبلور في ذهني من خلال ما اطلعت عليه من البحوث المقدمة من الإخوة في هذا الموضوع أن فقهاء الشريعة لا يختلفون في وجوب الوفاء بالمثل في الدنانير والدراهم الذهبية والفضية، مع استثناء حالتي تغيير العملة من قبل ولي الأمر أو انقطاعها. أما ارتفاع القيمة وانخفاضها غلاء ورخصًا، فلا أثر له في الوفاء إلا ما قيل في الفلوس من فتوى أبي يوسف ومحمد وما ذكر عن الرهوني من المالكية رحمهم الله. ومرد هذا كما يظهر لي أن الفلوس لا ترقى إلى مرتبة العملة الذهبية والفضية هن فينظر إليها وكأنها سلعة، وقد ظهر من بحوث بعض إخواننا أن هناك اتجاهًا للقول بجواز تغيير الوفاء إذا كان الدين الثابت عملة ورقية من عملاتنا بناء على نظرهم أن هذه العملة الورقية تأخذ حكم الفلوس. ثم دعموا رأيهم بقاعدة رفع الضرر عمن تغيرت قيمة العملة على حسابه. والذي يبدو لي – والله أعلم -.

أولًا: إن إعطاء حكم الفلوس للعملة الورقية لا يستقيم، حتى وإن لم يكن هناك من الغطاء الذهبي ما يرتقي بها، وذلك لأن عملتنا الورقية اليوم قائمة مقام الذهب والفضة في معاملاتنا اليومية والتجارية، وعليها العرف جار.

ثانيًا: ربط الوفاء بتغير القيمة يعني أنه قد اقترن في العقد شرط ضمني بهذا المعنى، وهو يعني جهالة ما سيتملك مستحق الزيادة، وتصرفات التمليك تأبى الجهالة. هذا فضلًا عن شائبة الربا المتولدة عن مثل هذا الشرط.

ثالثًا: إخضاع الوفاء لتغير العملة يجرنا إلى اضطراب شديد في ميدان التعامل وذلك لعدم انضباط الأمر بسبب اضطراب أسواقنا وأثمان السلع فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>