للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا – أن المنفعة قبل كسبها معدومة والمعدوم ليس مالًا:

قال السرخسي: "إن الإتلاف لا يحل المعدوم، وبعد الوجود لا يبقى لحله فعل الإتلاف"، فكأنه يرى أن المنفعة معدومة غير موجودة فلا يمكن أن يوجد السبب، ولذا قال: "وإثبات الحكم بدون تحقيق السبب لا يجوز" (١) .

ولما كان الحنفية قد اشترطوا لجواز المنفعة أن تكون بعقد، وهذا في حد ذاته استشكال وجيه على رأيهم. قال السرخسي محاولًا رفع هذا الإشكال: "بالعقد يثبت للمنفعة حكم الإحراز والتقوم شرعًا، بخلاف القياس، وكان ذلك باعتبار إقامة العين المنتفع به مقام المنفعة لأجل الضرورة والحاجة، ولا تتحقق مثل هذه الحاجة في العدوان فتبقى الحقيقة معتبرة، وباعتبارها ينعدم التقوم والإتلاف " (٢) .

وقد يقال للحنفية أنكم قلتم بخلاف ذلك في الصداق واستئجار الولي، فاعتبرتموه ولا عدوان فيه.

وقد رد السرخسي هذا بقوله: "في الصداق واستئجار الولي إما يظهر حكم الإحراز والتقوم بالعقد للحاجة، والمال اسم لما هو مخلوق لإقامة مصالحنا به، ولكن باعتبار صفة التمول والإحراز " (٣) .

وقد يقال له: إننا لا نسلم أن المال معتبر بالتمويل والإحراز فحسب بل هو أعم ليشمل ما يمكن إحرازه كالمنفعة.


(١) المبسوط: ١١/٧٨.
(٢) المبسوط: ١١/٧٨.
(٣) المبسوط: ١١/٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>