للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومذهب الحنابلة: الغاصب أجرة المغصوب مدة بقائه بيده إذا كانت للشيء المغصوب منفعة تصح إجارتها، ويوجبون حينئذ أجرة المثل مدة مقامة في يده، سواء استوفى المنافع أو ترك

+ها تذهب.

فإن تلف المغصوب ضمنه الغاصب، أو من تلف بيده المثلي بمثله، فإن أعوز المثل فقيمة مثله يوم إعوازه (١) . "وما ليس بمال لا يغصب كغصب الحر، فلا يضمن بالغصب، وإنما يضمن بالإتلاف. فإن استعمل حرًا مكرهًا لزمه أجر مثله، وإن حبسه مدة لمثلها أجر ففي وجوب أجرها قولان، ولو منعه العمل من غير حبس لم يضمن منافعه" (٢) .

وقال المرداوي: "وإن كان للمغصوب أجرة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة مقامة في يده، يعني إذا كانت تصح إجارته، ثم قال: منافع المقبوض بالعقد الفاسد كمنافع المغصوب تضمن بالفوات والتفويت" (٣) .

وأما عند الحنفية، فقالوا في ضمان منافع المغصوب: "ومنافع الغصب غير مضمونة استوفاها أو عطلها، أو استغل" وعللوا لذلك – بما سبقت الإشارة – بعدم ورود الغصب عليها، ولأن لا مماثلة بينها وبين الأعيان، وهي لا تبقى زمانين، ولأنها غير متقومة (٤) .

والمتأخرون فرقوا بين المعد للاستغلال ومال اليتيم والوقف وبين غيرها فأوجبوا الضمان فيها دون سواها.

وفيما يلي تفصيل رأيهم: قال السرخسي: لو غصب عبدًا أو دابة فآجره وأصاب من غلته، فالغلة للغاصب، لأن وجوبها بعقده؛ ولأن المنافع لا تتقوم إلا بالعقد، والعاقد هو الغاصب، فإذا هو الذي جعل منافع العبد بعقده مالًا فكان بدله له.

وقد يقال هنا: ولم لا يكون لصاحب العبد؟ فيجاب بأنه كان في ضمان غيره.

قال السرخسي: وفي هذا إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((الخراج بالضمان)) (٥) .

فحين كان في ضمان الغاصب فهو الذي التزم تسليمه بالعقد دون المالك فكان الأجر له دون المالك، ويؤمر أن يتصدق بها لأنها حصلت له بكسب خبيث (٦) .


(١) نيل المآرب: ١/٤٤٦.
(٢) المغني: ٥/٤٤٨.
(٣) الإنصاف في الراجح من الخلاف: ٦/٢٠١.
(٤) الاختيار لتعليل المختار، للعلامة عبد الله بن محمود الموصلي: ٢/٣، الطبعة الثالثة ١٣٩٥ هـ - ١٩٧٥م بمصر.
(٥) الخراج: ما يحصل من غلة العين المبتاعة. والحديث أدرجه أبو داود، انظر: عون المعبود، شرح سنن أبي داود، للحافظ ابن قيم الجوزية: ٩/٤١٥، باب رقم ٣٨، الطبعة الثانية ١٣٨٨ هـ - ١٩٦٩ م المدينة المنورة. وأخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، وابن القطان، وضعفه البخاري وأبو داود. انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامعة الترمذي، للحافظ محمد المباركفوري: ٤/٥٠٧. الطبعة الثانية دار الاتحاد العربي للطباعة ١٣٨٥ هـ - ١٩٦٥ م بمصر، وانظر أيضًا: النسائي، كتاب البيوع، باب رقم ٥٣، وابن ماجه كتاب التجارات، رقم ٤٣؛ ومسند أحمد: ٦/٤٩، ٢٠٨، ٢٣٧.
(٦) المبسوط: ١١/٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>