للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما ذهب إليه ابن رشد في البيان والتحصيل حيث أكد أن أقدمية الشيء عند البائع تحول بينه، وبين بيعه مرابحة، إلا إذا بيَّن حالها يوم الشراء، ثم يوضح الأوصاف التي طرأت عليها عنده، فإن باع مرابحة أو مساومة، وقد طال مكث المبتاع عنده ولم يبين فهو بيع غش وخديعة، وإن فعل وظهر للشاري عكس الأوصاف التي أخذها عليها كان له الخيار، بين الرد والإمساك، ويرد في الفوات إلى القيمة إذا كانت أقل من الثمن على حكم الغش والخديعة، في البيع.

وفى حكم آخر أنه يحكم له بحكم من باع وزاد في الثمن وكذب به، وتكون القيمة في ذلك يوم القبض للمبيع كالثمن الصحيح في بيع الكذب، فتكون فيه القيمة إذا فات يوم القبض إلا أن تكون أقل من قيمتها يوم البيع فلا ينقص من ذلك شيئًا، وإن كانت أكثر من الذي باع به فلا يزاد عليه وهو مذهب سنحون (١) .

ويمكن أن نلخص جميع أقوال المالكية في أن المدونة تعرضت لنحو اثنين وعشرين نموذجًا من الحالات التي يمكن أن يتم عليها بيع المرابحة، فشددت على مراقبة الربح فيها حتى لا يتم شراء لشيء مجهول، ثم دفع فيه ربح غير عادل، قال خليل في المختصر: جاز مرابحة والأحب خلافه، ولو على مقوم، وهل مطلقًا أو إن كان عند المشتري؟ تأويلان وحسب ربح ماله عين قائمة كصبغ وطرز وخياطة وفتل وكعهد وتطرية، وأصل ما زاد في الثمن كحمولة وشد، وطي أعيد أجرتهما وكراء بيت لسلعة إلى آخر الفصل.

لقد تعرض المختصر في هذا الفصل لكل أنواع المرابحة التي رأينا الخلاف في شأنها فبين مواقف المالكية منها.

قال شارحه الرهوني لابن المواز عن محمد بن رشد:"يضم إلى رأس المال منها ماله عين قائمة في المتاع، ويكون له قسطه من الربح، ولا يضم إليه ما لا تأثير له في عين المتاع مما يمكن توليه بنفسه لا في رأس المال ولا في ربحه، وما لا يمكن توليه بنفسه، مثل كراء المتاع ونقله من بلد والسمسرة فيما جرت العادة فيه بأن لا يباع إلا بواسطة فيضم ما ألزمه عليه إلى رأس المال ولا يكون له قسط من الربح" (٢) .


(١) البيان والتحصيل ٨ /٣٧٣.
(٢) انتهى بلفظه من حاشية الإمام الرهوني٥ /٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>