للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أستطيع فهم هذا الموقف بسهولة لأن التاجر عليه أن يحسب الربح بعد كل الخسارة وأجرة هذه الأشياء هي من تكاليفه التي إذا لم تحسب في الربح تعرض الخسارة.

وهذه الحالات طالبوا البائع فيها بالإخبار عند البيع فكالزيادة، فإن أراد أن يبيع مرابحة أخبر بالثمن، ولكن يمكنه أن يخبر أيضًا بالتكاليف، وإذا أخذ الفوائد – أو الربح أو الناتج – لم يلزمه تبين مقدار ما جنى، ولابن المنذر عن أحمد أنه يلزمه تبيين ذلك، وعند ابن قدامة أنه إذا صدق في الأوصاف من غير تغرير جاز عدم التعرض لما سلف في المنافع.

ومن المراقبة على أرباح التاجر مواقفهم من التولية، وهي:

أن يقول: ولني ما اشتريته بالثمن، فقال: وليتك. صح إذا كان الثمن معلومًا لهما، فإن جهله أحدهما لم يصح.

ولو اشترى ثوبين بخمسة دراهم فلا يجوز أن يبيع أحدهما بخمسة بلا بيان.

وإذا أخبر أن رأس المال مائة مثلًا، وعلي أنه يبيع المحل برأس المال وربح ١٠ % جاز، وفيه أقوال بالكراهة نجمل أقوال المجموع فيها في الفقرات التالية:

متى باع شيئًا برأس مال وربح عشرة ثم علم بتبيينه أو إقراره أن رأس ماله تسعون فالبيع صحيح، لأنه زيادة في "الثمن" فلم يمنع صحة العقد كالعيب، وللمشتري الرجوع على البائع بما زاد في رأس المال، وهو عشرة وحطها من الربح (١) .

فإذا رفع المال ليزيد من الربح الذي هو عشرة في المائة، فأمام هذه الحالة أبو حنيفة منح الشاري الخيار بين الأخذ بكل الثمن أو الترك قياسًا على الموقف من المحل المعيب.

وعند الشافعي في أحد قولين عنه يخير بين الأخذ بكل الثمن، أو الترك، ونفس الحكم عند أحمد بن حنبل حسب رأي ابن قدامة، وخالفه الخرقي، إذ لم يمنح الشاري الخيار، إذ يرى أن الشاري رضي بالمحل ولزم البيع، وهذا القول يوافق القول الثاني للشافعي، فقد حصل البيع برأس مال وحصة من الربح، فهو موافق للمعاملات الشرعية، وعليه فيلزم، هذا على شرط السلامة، أما مع وجود العيب فيجب التبيين، وعند ظهوره بدون علم، فإن الشاري له أن يمسك بالمحل إذا رغب فيه بنفس الثمن، أو يرده، ومنهم من قال بأن أرش العيب يعتبر هبة من الشاري للبائع إذا علم ولم يطالب بالرد أو أخذ الأرش ومنهم من قال بانتقاض العقد، ومنهم من قال بالرد، وهذه كلها أقوال مشروحة في العيوب، إذ لا يهمنا منها هنا إلا ما يتعلق بثبوت المواقف الفقهية في شأن مراقبة أرباح التاجر، إذ لا بأس بناء على ذلك من استطراد نماذج موجزة جدًا من أقوال المذاهب في الموضوع.


(١) المبسوط ١٣ /٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>