للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو الخطاب من الحنابلة: يحط أرش العيب من الثمن ويخير بالباقى.

قال الشافعي يحطه من الثمن ويقول تقول علي بكذا، وعقب النووي أن المبيع إذا جنى فقداه المشتري لم يلحق ذلك بالثمن، ولم يخبره في المرابحة؟ لأن هذا الأرش لم يزد به المبيع قيمة، يتضح من كل ما سبق أن المرابحة تصرف جائز، وأن الخلافات المسجلة في شأنها ليست جوهرية، كما يتضح أن مراقبة أرباح التاجر فيها منصوص عليها بما فيه الكفاية، وأنها تهدف إلى تحقيق الأساسيات العامة، التي تبنى عليها سلامة الربح في الشريعة الإسلامية، وهي:

- التوازن بين مجهود التاجر، وضرورة احترام ملكيته الخاصة، وبين مصالح الأمة، بعدم استنزاف طاقاتها المادية بأرباح استغلالية.

- سلامة الربح المحصل عليه من بيع المرابحة من العيوب الشرعية التي تعلق بالعقد فتجعله إما باطلًا أو قابلًا للإبطال، أو ساري المفعول، ولكن أحد طرفيه ارتكب إثمًا، وأصبح ما جناه من ربح بواسطته من قبيل أكل أموال الناس بالباطل، أن بيع المرابحة اليوم يزداد أهمية لكونه الصورة الرائجة أكثر من غيرها في المعاملات التجارية المعاصرة.

ذلك أن دور الصناعة، والمتاجر الكبيرة، ودور النشر، والمؤسسات المالية بصفة عامة كثيرًا ما تعلن أنها تبيع بضائعها بربح لا يتجاوز مبلغًا معينًا في المائة، غير أن الصور الفقهية التي عالج بها علماء الشريعة المشكل حفاظًا على سلامة الربح من الشوائب، وعلى المشتري تبقى معرفة المؤسسات التجارية اليوم، إذ قليلًا ما نجد مؤسسة تذكر رأس مال بضاعتها بصدق.

لعدم تحرز الإنسان اليوم من الكذب في غالب الأحوال من جهة ومن جهة ثانية، لأن المعاملات في الفقه الإسلامي ظلت مرتبطة بالشعور الديني مما جعل الإنسان ينظر من خلالها إلى رقابة الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومن هنا تتضح خطورة بيع المرابحة اليوم ودوره في أرباح التاجر كما يدرك من خلال النصوص الإسلامية التي تعرضت إليه مدى صلاحيتها لتطبق على المؤسسات التي تتناول هذا النوع من البيوعات. علمًا بأن كثيرًا منها يطالب بأرباح تبلغ نسبة معينة بعد تحصيل رأس المال مثل ٣٠ % أو ٤٠ %، فإذا لم تراع أحكام ذلك اتسمت كل تلك البيوع بالغرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>