للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- التسعير:

التعريف:

قال في القاموس: السعر بالكسر: الذي يقوم عليه الثمن الجمع أسعار وأسعر وسعر وتسعيرًا اتفقوا على سعر معين.

سعر الشيء قدر له سعرًا، والجمع أسعار كما رأينا، أما تعريفة حكمًا فلا يبعد عن هذا، قال النووي في المجموع شرح المهذب، التسعير:

هو جعل سعر معلوم ينتهي إليه ثمن الشيء، وأسعرته بالألف لغة، ويقال سعر إذا زادت قيمته وليس له سعر إذا رخص، والجمع أسعار مثل حمل وأحمال (١) .

والتسعير من بين الوسائل التي تتأتى عن طريقها مراقبة أرباح التاجر، ولا شك أنه من أهمها في هذا العصر، على أن النصوص الواردة فيه بالخصوص جعلت العلماء ينظرون إلى مسطرة ضربة على السلع بحذر شديد.

لأن الحرية التي منح الله للتجار أثناء تبادلهم في بيع المعاوضة، وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن التسعير لأهل المدينة كلها مبادئ أصلية ثابتة، فالله قال في كتابه العزيز: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ... } الآية.

وحديث أنس من القادم يكرس نفس مبادئ حرية التبادل، وعدم التدخل.

غير أن تطور الأوضاع واختلاط المسلمين بغيرهم، إضافة إلى ضعف روح الإيمان في النفوس كانت عوامل مؤثرة في أن تجعل نوعًا من الرقابة على السوق، وإلا لشاعت فوضى البيع، وفشى الاستغلال وحصل بعض الناس على أرباح غير عادلة، إما لضخامتها، وإما لعدم جواز العقود التي كانت سببًا فيها.

لقد بقي إعطاء الحرية للمتبايعين هو الأصل استنادًا إلى مبدأ الرضائية الذي هو من ابتكارات الشريعة الإسلامية مع أن حالات عدة عرفت في الصدر الأول من دولة الإسلام جعلت الفقهاء يفتون بجواز التسعير في بعض الحالات كما يحرمونه في حالات أخرى، فما هي الحالات التي يجوز فيها التسعير، وما هي تلك التي لا يجوز فيها؟ وما هي المواقف المتباينة لفقهاء المذاهب في التسعير؟


(١) المجموع وشرحه فتح العزيز ١٣ /٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>