للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: إن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير سعر عليهم تسعير عدل، وورد عن مالك أنه لا يجوز للإمام التسعير، وأحاديث الباب ترد عليه، وللشافعية جواز التسعير (١) . إذا دعت إليه الضرورة، ولبى حاجة الجماعة، وسيبقى في طليعة البحوث الجيدة التي تكلمت عن التسعير بصفته إحدى وسائل تحديد أرباح التاجر ما كتبه العلامة ابن القيم الجوزية في كتابه: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، وقد سبقت إشارات إليه، ولأهميته فسنحاول تلخيص بعض أحكامه فيما يلي:

١- من التسعير ما هو ظلم أو حرام وذلك إذا اتبع لإكراه الناس على بيع أموالهم بثمن لا يرضيهم، أو منعهم مما أباح الله لهم.

٢- ويكون جائزًا إذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم من الزيادة على عوض المثل فيكون هنا جائزًا بل واجبًا.

وأساس حكم الأول هو حديث أنس عن غلاء السعر بالمدينة وعرض طلب السعر على النبي صلى الله عليه وسلم وامتناعه عن التسعير خشية المضرة بأحد، لقد روينا الحديث في مكان آخر من هذه النقطة.

ومن ظلم التسعير تأجير محل تجاري على واجهة الطريق، أو في القرية على ألا يبيع أحد غيره تلك البضائع التي تباع به، فهذا ظلم وإضرار بالناس، ومثل ذلك حصر نوع من الأطعمة والسلع على ناس معينين ومنحهم امتياز بيعها، فهذا إجراء جائز، وظلم تبع، من أن هؤلاء يجب التسعير عليهم، وإلزامهم البيع بثمن المثل ففي هذه الحالة التسعير واجب بلا نزاع.

وخشية استغلال الحاجة وطلب أثمان غير لائقة، منع أبو حنيفة وأصحابه: القسامين الذين يقسمون العقار وغيره بالأجرة من أن يكونوا شركة بينهم لأنهم إذا فعلوا أغلوا على الناس وقت الحاجة إليهم، ولوالي الحسبة أن يراقب كل أصحاب حرفة حتى لا يكونوا شركة هدفها رفع الأسعار على الناس عند الحاجة إلى شيء من الأشياء التي ينتجونها أو يتعاطونها، خصوصًا مما تدعو الحاجة إليه باستمرار.


(١) فتح العزيز: ١٣ /٤٤، من تحليل لابن القيم الجوزية.

<<  <  ج: ص:  >  >>