للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن بيع النجش متفق عليه على إثم صاحبه الذي قام به، والخلاف الحاصل يعني بالخيار أو عدمه ومن أوجه خلافاتهم:

فأهل الظاهر قالوا: فاسد، وقال مالك: هو كالعيب، والمشتري بالخيار، إن شاء أن يرد رد، وإن شاء أن يمسك أمسك، وقال الشافعي، وأبو حنيفة، إن وقع إثم وجاز البيع.

وسبب اختلافهم يرجع إلى خلافهم حول الحكم الذي يترتب على النهي فهل يتضمن فساد المنهي عنه؟ والجمهور على أن النهي إذا ورد لمعنى في المنهي أنه يتضمن الفساد مثل النهي عن الربا والغرر، وإذا ورد الأمر من خارج لم يتضمن الفساد (١) .

وهذا هو المرتكز الذي اعتمد عليه، الذين قالو بسريان البيع في هذه الحالة سواء أعطي الخيار في الرد، أو لم يعط.

وللباجي في شرحه المنتقي أنواع المبيعات التي نُهي عنها خشية حصول ربح بطريق غير مشروعه فعن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يبيع بعضكم على بيع بعض)) وقال مالك أيضًا، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبيع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبيع حاضر لباد)) .

والمقصود هو عدم جواز التدخل بين المتابعين ليفسد على أحدهما صفقته من الآخر ليشتريها هو لنفسه بغية الحصول على ربح يستغل فيه الجهل أو الخديعة.

وعن تلقي الركبان الغاية منه التلقي لمن يجلب السلع إلى الحضر، ومن فعل ينهى فإن تمادى أدب.

والبوادي المنهي عن البيع لهم في القول الراجح عند مالك هو أهل العمود لئلا يرخص ما بأيديهم خصوصًا وإنهم لا يعرفون بكم طلع عليهم نتاج ما تحت أيديهم فمنع الحضري من البيع للبدوي قبل أن يدخل السوق متفق عليه.


(١) بداية المجتهد: ٢ /١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>