للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومستند النهي عن هذا النوع من البيع الحديث الشريف: ((لا يبيع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له)) ، متفق عليه ورواه أحمد، عن ابن عمر وعند الشيخين عن أبي هريرة في البخاري، عن عقبة بن عامر عن مسلم.

ويحرم أن يدخل على سوم أخية، وهو أن يجد اثنين اتفقا على بيع سلعة معينة بثمن، ثم يزيد في ثمنها ليفسد على الأول شراءه (١) .

وعند بعض الشافعية على أن البيع والسوم على السوم لا يحرم إلا إذا لحق البائع غبنًا، أما إذا لم يحصل الغبن فلا يحرم البيع على البيع أو السوم على السوم (٢) .

وللشوكاني رأي في هذا الشأن إذ يقسم الأحاديث الواردة في السوم على السوم أو البيع، على البيع إلى: أحاديث نصيحة وهي أعم مطلقًا من الأحاديث القاضية بتحريم أنواع من البيع فيبنى العام على الخاص.

وهذا غير مسلم في نظري، لأن النهي تلو النهي تقوية لضرورة تجنب الفعل المنهي عنه. وقد استندت جماعة على جواز السوم على السوم بحديث أنس، الذي رواه أحمد والترمذي، وحسنه وقال لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عنه، وأخرجه أيضًا أبو داود والنسائي، وأعله ابن القطان بجهل حال أبي بكر الحنفي، ونقل عن البخاري أنه قال لم يصح حديثه، ولفظ الحديث عن أبي داوود وأحمد، أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى على قدح وحلس لبعض أصحابه فقال رجل هما عليَّ بدرهم، ثم قال آخر: هما عليَّ بدرهمين ... إلخ.

ولعلهم هنا لم ينتبهوا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقبل بالإيجاب الذي وجهه الأول وقبل بالزيادة التي أعطاها الآخر والمسألة مشهورة لأنها أصل من أصول تحريم المسألة.

ولم يرَ البخاري بأسًا في بيع المغانم بالمزايدة، وسوى ابن العربي بين البيع بالمزايدة في شتى الأصناف ولذا لا يضر كره التخطي لعمل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه بنى كراهته للمسألة على قضية عين، وهي بيع المدبر، ولا نرى أن يقاس عليها غيرهما من المبايعات الأخرى.


(١) هذه الأقوال كلها أوردها النووي في المجموع، والسرخسي في المبسوط وبداية المجتهد لابن رشد.
(٢) نفسه: ص١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>