للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا جوز الشافعي البيع وحكم بإثم المتلقي، واعتبر ابن القيم الجوزية تلقي الركبان من المنكرات للنهي الحاصل فيه (١) ، لكون الباد لا يعرض ثمن السلع فيشتري منه الحضري بثمن بخس، كما أنه لا يجوز لأهل السوق أن يبيعوا للقادم من خارج البلد بثمن يغاير ما يبيعون به لأهل البلد، ولوالي الحسبة مراقبة ذلك.

قال ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: " ومن المنكرات تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، لما فيه من تغرير البائع، فإنه لا يعرف السعر، فيشتري من المشتري بدون القيمة، ولذلك أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم الخيار، إذا دخل السوق، ولا نزاع في ثبوت الخيار له مع الغبن".

ولابن حجر أن التلقي يكره عند من لا يقول بتحريمه لسببين:

الأول: أن يضر بأهل البلد بأن يشتري السلعة بثمن بخس، ثم يبيعها لهم بثمن مرتفع.

الثاني: أن يلبس السعر على الواردين (٢) .

وحول النهي الوارد في حديث تلقي الركبان اختلف أصحاب المذاهب على الأقوال التالية:

الشافعية، والحنابلة عندهم يثبت الخيار بمجرد تلقي الركبان رحمة عندهم بالباد، لئلا يقع في شرك الحاضر لصيانة القادم من الخديعة، وعن ابن المنذر أن مالكًا حمل النهي على مراعاة منفعة أهل السوق لا على نفع رب السلعة، وإلى رأي مالك جنح الكوفيون والأوزاعي، إلا أن ثبوت الخيار لصاحب السلعة لا لأهل البلد دليل على قوة حجة الشافعية في هذه المسألة.

وشرط إمام الحرمين في النهي أن يكذب المتلقي على صاحب السلعة حتى يشتري منه بأقل من الثمن المثل (٣) ، وأطلق الشوكاني المسألة على عمومها في النهي.


(١) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: ص٢٤٢.
(٢) المجموع، للنووي وشرحه؛ فتح العزيز، للرافعي: ١٣ /٢٤، وما بعدها إلى نهاية الباب.
(٣) المجموع، للنووي وشرحه؛ فتح العزيز، للرافعي: ١٣ /٢٤، وما بعدها إلى نهاية الباب: ص٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>