للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن أن نخرج من هذه الأقوال بنتيجة أساسية، وهي أن الفقه الإسلامي أثناء تحديده لمسطرة سلامة الربح من العيوب الشرعية، بين جميع الصور التي إن تم البيع عليها يكون مباحًا، والربح منه من أكثر أنواع الرزق شرفًا لأن المهنة الوحيدة التي تعاطاها نبينا عليه الصلاة والسلام وهي التجارة، فيجب أن تبقى لها حرمتها سلامة ما يجني منها من أي عيب يحرمه على صاحبه، أو يكون له نقدًا في عرضه عند الناس.

ومن ثم أتت العيوب التي أشرنا إلى بعضها، وتركنا تلك المألوفة، مثل الغبن والتدليس والإكراه، لأنها معلومة، وكتبت فيها مواضيع خاصة بها، من مختلف فقهاء المذاهب، ولأن موضوعنا ليس في عيوب الرضا.

الاحتكار:

الحكرة:

التعريف: قال في القاموس: الحكر الظلم وإساءة المعاشرة، والفعل كضرب، والسمن بالعسل يلعقهما الصبي والقعب الصغير، والشيء القليل وبضمان، وبالتحريك ما احتكر أي احتبس انتظارًا لغلائه، كالحكر كصرد، وفاعله حكر واللجاجة والاستبداد بالشيء، حكر كفرح فهو حكر، والماء المجتمع، والتحكر الاحتكار، والتحصر والمحاكرة الملاحة، والحكرة بالضم اسم من الاحتكار ومخلاف بالطائف.

الاحتكار حكمًا:

يحرم الاحتكار في الأقوات، وهو أن يشتري البضائع في وقت الغلاء، ويمسكها رغم حاجة الناس إليها حتى يرتفع ثمنها، ومن الحنابلة من قال يكره ولا يحرم، ولا يمكن أن ينظر إلى المحتكر بالسلامة بعد حديث عمر: الجالب مرزوق والمحتكر ملعون، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحتكر إلا خاطئ)) .

وعلى هذا الحديث استند أصحاب الكراهة، لأن لفظة الخطأ لا تدل على التحريم علمًا بأن المخطئ هو المذنب والعاصي.

وقد روى أحمد والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ)) .

وزادوا في إسناده "أبو معشر"، وهو ضعيف وقد وثقه بعضهم.

وفي حديث آخر عن عبد الله بن عمر: ((من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه)) ، رواه أحمد والبزار وابن أبي شيبة.

المهم هو أن هذه الأحاديث بعضها يقوي بعضًا فتشكل حجة كافية على عدم جواز الاحتكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>