للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى الشافعية أن المحرم، هو احتكار الأقوات خاصة لا غيرها، وذهب الشوكاني إلى أن الاحتكار حرام من غير فرق بين الأقوات وغيرها.

ويقصد بالاحتكار المنهي عنه ذلك الذي يشتري البضاعة القليلة في السوق ويمتنع من بيعها حتى يرتفع ثمنها، أما إذا كان اليسر، وجمع بضاعة حتى قلت ثم أخذ يبيعها بثمنها المعتاد أي ثمن المثل فهذا مستحسن ويثاب عليه، كما سيأتي عن ابن مسعود.

وللنووي في شرحه لمسلم عند حديث معمر بن عبد الله مرفوعًا من احتكر فهو خاطئ. قال النووي: الخاطئ بالهمزة هو العاصي الآثم، وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال بل يدخره حتى يرتفع ثمنه.

وأخرج ابن ماجه والحاكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((الجالب مرزوق والمحتكر ملعون)) .

وعن الحاكم من رواية ابن إسحاق، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ، وقد برئت منه ذمة الله)) ، وإن صح هذا الحديث فيكون أشنع وعد.

وقد اختلف العلماء في النوع الذي يعني بالاحتكار، فطائفة ترى على أنه خاص بما يقتات به، ومنهم من عممه على كل ما يقتات به، أو غيره من أنواع المكتسبات التي تدعو الضروريات إليها، وفي المنتقى قال عمر بن الخطاب: لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم فضول من إذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا، ولكن أيما جالب على عمود كبده في الشتاء والصيف فذلك ضيف عمر فليبع كيف شاء وليمسك كيف شاء الله.

قال أبو الوليد قصد أمير المؤمنين من هذا الحكم أن يمنع الناس من الاحتكار في سوق المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، لأن غالب أحوالها غلاء الأسعار وقلة الأقوات.

وعرف أبو الوليد في شرحه لكلام عمر في الموطأ الاحتكار، فقال: الاحتكار هو الادخار للبيع وطلب الربح بتقلب الأسواق، فأما الادخار للقوت، فليس من باب الاحتكار.

والإجماع على أن صاحب السلعة يمنع من الاحتكار، وفي أيام عدم الشدة والحاجة فروى ابن القاسم عن مالك أنه لا بأس به، لإمكانية حصول الناس على شدة حاجتهم من عند غيره.

وروى ابن الماجشون، عن مالك أن احتكار الطعام يمنع منه في كل وقت. وأما غير الطعام فلا يمنع من احتكار إلا في وقت الشدة، وسوى ابن المواز، وابن القاسم بين الطعام وبين الكتان، إذ يمنع من احتكار ما أضر بالنسا.

<<  <  ج: ص:  >  >>