للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استثنى من التدخل في الملك لمنع الاحتكار، المزارع الذي يدخل محصوله الزراعي سواء في اليسر أو العسر أو نتاج كسبه فإنهما لا يمنعان.

أما الفئة الثانية، وهي التي تجب مراقبتها لمنعها من الاحتكار، فهم من صار إليهم الطعام بابتياعه من سوق البلد، فإن منع الاحتكار يجوز في حقهم، وفي وقتين: أحدهما أن يبتاعه في وقت الضرورة، ثم يحصل على أكثر من حاجته ويمتنع من البيع للناس حتى يحصل على أرباح أكثر من اللازم.

والثاني أن يشتري وقت اليسر كثيرًا من المواد التي لا يجوز احتكارها، ثم يدخرها حتى تشتد حاجة الناس لها، فلا يبيعها لهم إلا بأثمان عالية، أو لا يبيعها، علمًا بأن من عنده طعام مخزون عليه أن يخرجه للناس في ساعة الشدة، وسيأتي مزيد من بيان حكم ذلك، وتابع أبو الوليد في المنتقى كلامه عن حديث عمر، فقال بأن قولة أمير المؤمنين: فذلك ضيف عمر معناه عدم التدخل في شؤونه في السوق إذ لا يمكن أن يرغمه أحد على البيع أو عدم البيع، أو إرغامه على البيع بأقل من الثمن.

ثم أورد قصة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مع حاطب ابن أبي بلتعة في بيع الزبيب وهي مذكورة في مكان آخر من هذا البحث.

وقد استخلص كثير من العلماء عدم جواز أي ربح يجنى من الاحتكار تطبيقًا للأحاديث الشريفة التي روينا بعضها في بداية هذه النقطة من هذا البحث.

وأيضًا استندوا على الحديث الذي رواه الموطأ، عن عمر بن الخطاب، وهو الحديث المتقدم " لا يعمد رجال ... " (١) .

قال الباجي قصد منع الاحتكار في المدينة، ونحن نرى استنادًا إلى مواقف عمر أنه يحرم الاحتكار قياسًا على ذلك في كل بلد إسلامي، ولنرجع إلى التفريعات التي استخرجها أبو الوليد من الآثار التي رواها عن الاحتكار إذ قسم دراسته إلى أربعة أبواب هي:

١- بيان معنى الاحتكار.

٢- الوقت الذي يمنع فيه الاحتكار.

٣- ما يمنع من احتكاره.

٤- ما يمنع من الاحتكار.

١- قال في النقطة الأولى بأن الاحتكار هو الادخار للمبيع وطلب الربح بتقلب الأسواق.


(١) المنتقى على الموطأ، لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي المتوفي: سنة ٤٩٤هـ: ٥ /١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>