للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ينجم هذا عن ارتكاب الغش أو التدليس بصورة تنطلي على زبونه، فينفذ العقد، ويحصل الربح، لكن الغشاش أو المدلس، أو المرتكب لعيب من صنوف الخلابة، سينال عذاب الآخرة.

كما يمكن أن يقال إنه خارج عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحكم الحديث الشريف: ((من غشنا فليس منا)) وقصة الحديث معروفة، وهي شاهد على ضرورة مراقبة أرباح التاجر أثناء تحصيله لها.

فقد وقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على رجل يبيع طعامًا في المدينة فأدخل فيه يده فوجد بداخله بللًا فقال الحديث: ((من غشنا فليس منا)) ، ومن المعلوم أن هذه الصفات أي الغش والكذب والخيانة والغبن وما مثلها من وسائل الخداع تعتبر من الباطل الذي قال الله فيه:

{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .

ومن خلال هذه النصوص وما مثلها مما أشرنا إليه في النقط المكونة لهذا البحث، وبالخصوص اجتهاد عمر بن الخطاب: "لا يعمد رجال بأيديهم فضل" الحديث المتقدم، وأصرح من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الجالب مرزوق والمحتكر ملعون)) ، وفي رواية: خاطئ ((ومن دخل في شيء من أسعار المسلمين ليلغيه عليهم)) الحديث، كل هذه الآثار تمكن من القول بأن على حكام المسلمين اليوم واجب التدخل لتنظيم السوق وتحديد أرباح التجار، وتكريسها لخدمة الأمة أولًا ولضمان مصالح التجار غير المستغلين ثانيًا.

ومما يبرر ضرورة هذا التدخل هو كون السوق لم تبق إسلامية محضه، فسيطرة غير المسلمين على كثير من وسائل الإنتاج في الدول الإسلامية، واختلاط الباعة من مختلف الجنسيات والعقائد نرى أنه كافٍ لتبرير وجوب تدخل السلطات في كل بلد إسلامي لضبط حالة السوق، وتنظيم أرباح التجار، والحرص على سلامتها من الشوائب.

وهل هناك تبرير أكثر من تفشي ظاهرة تعاطي الربا في جل المجتمعات الإسلامية، حتى أن كثيرًا من شباب الأمة الإسلامية يوشك أن يأتي اليوم الذي يصبح جاهلًا لما يعرف بالربا، لشيوع تعاطيه داخل الأقطار الإسلامية.

وأيضًا بعض من صور البيوعات المنهي عنها هي أيضًا تكاد تكون مجهولة كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>