للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابن منظور يرى أن على صاحب السوق أن يتدخل بتحديد الثمن كلما تعسف أهل السوق من التجار في مقتضى الحرية، وظلموا الناس دون أن يربط مجال التسعير بقوت أو غيره، والذي ذهب إليه ابن عرفه أن التسعير إنما يكون في القوت خاصة لقوله في تعريفه (تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه) ، علق الرصاع على هذا بقوله: أخرج به غير المأكول لأنه لا يسعر.

وما ذهب إليه منظور من أن الحاكم يسعر على أهل السوق بعد أن ينظر في شرائهم ويترك لهم من الربح ما لا ضرر فيه على العامة وأنه لا يحل له أن يحدد ثمنًا دون نظر إلى معطيات موضوعية للتسعير، وإن هذا أمر متفق عليه يؤكد ذلك ما في سماع أشهب إذ قال صاحب السوق: بيعوا على ثلث رطل من الضان ونصف رطل من الإبل (يعني أن الدرهم يشتري به ثلث رطل أو نصف رطل) ، قال مالك: ما أرى به بأسًا إذا سعر عليهم شيئًا يكون فيه ربح يقول لهم من غير اشتطاط.

الشافعية: اقتصر صاحب تكملة المجموع على نقل كلام ابن القيم.

الحنابلة: الذي أفاض القول في التسعير هو شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، يقول ابن القيم: وأما التسعير فمنه ما هو ظلم محرم ومنه ما هو عدل جائز.

فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه أو منعهم مما أباح الله فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعارضة بثمن المثل ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عرض المثل فهو جائز بل واجب.

وابن القيم يلتقي مع ابن العربي، في أن التسعير لا يحكم عليه حكم مطلق ولكن ينظر الظلم فهو واجب، وبهذا يصبح الخلاف هو في تحقيق المناط أي في بيان الأحوال التي تحقق فيها الظلم لصاحب السلعة، فيكون تصرف صاحب السوق حرامًا، وفي الأحوال التي ظلم فيها أرباب السلع غيرهم فيكون رفع ظلمهم واجبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>