للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نرفض ذلك كلَّه ونقول: إن حقَّ التشريع لله وحده، ولا يجوز لغيره إصدار القوانين والتشريعات إلاَّ في الدائرة التي تتركها الشريعة للفقهاء والعلماء وولاة الأمر، وبذلك يظهر أن بحث القانونيين في أساس قوة العرف كبحثهم في أساس قوة القانون كلاهما على غير أساس (١) .

المبحث الرابع

العرف ليس دليلًا مستقلًّا من أدلَّة الأحكام

عندما يدقَّقُ الباحث النظر في مباحث الأصوليين والفقهاء يعلم يقينًا أن العرف ليس دليلًا مستقلاًّ من أدلَّة الفقه الإِسلامي، وقد خَلْص إلى هذه النتيجة عالمان معاصران أطالا البحث في العرف واستقصيا فيه.

يقول الشيخ أحمد أبو سنَّة في رسالة ألَّفها في هذا الموضوع: "فتمَّ بهذا أن العرف مطلقًا لا يمكن أن يجعل مقياسًا للخير، كما لا يمكن أن يتخذه الفقيه دليلًا على قواعد صالحة لتنظيم روابط الناس ما لم يؤيده أصل من أصول الفقه " (٢) . ونقل الشيخ أبو سنَّة أقوال بعض الفقهاء التي قد يفهم منها أن العرف دليل بنفسه، ثم قال: "إنَّ العرف في هذه النصوص ليس دليلًا على الحقيقة، وإنَّما هو دليل ظاهر فقط، وبانضمام النظر يرى دائمًا مردودًا إلى دليل آخر من الأدلَّة الصحيحة " (٣) .

وتوصَّل إلى هذه النتيجة الدكتور السيد صالح عوض في بحثه القيَّم المعنون: "بأثر العرف في التشريع الإِسلامي "، فقد جاء في خاتمة بحثه قوله: "في الحديث عن مدى اعتبار العرف في التشريع تبيّن لنا أن العرف ليس مصدرًا من مصادر التشريع، ولا دليلًا بالمعنى الذي تطلق عليه كلمة مصدر أو دليل" (٤) .

وقال مثل ذلك الشيخ عبد الوهاب خلاَّف، فقد جاء في بحثه عن العرف: "والعرف عند التحقيق ليس دليلًا شرعيًّا مستقلًا" (٥) .


(١) راجع في هذا كتابنا: الشريعة الإلهية: ص ١٦٤.
(٢) العرف والعادة، لأحمد أبي سنَّة: ص ٣٢.
(٣) العرف والعادة، لأحمد أبي سنَّة: ص ٣٢.
(٤) أثر العرف، لسيد صالح عوض: ص ٦١٧.
(٥) علم أصول الفقه، لعبد الوهاب خلاف: ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>