للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعارفهم على أن من ينقل الركاب يكتفي بالأجرة ولا يطلب قيمة ما تستهلكه السيارة من وقود وزيوت.

وتعارفهم في كثير من الصناعات على عدم دفع شيء غير الأجرة، فلا يدفعون للخياط قيمة ما يستهلكه من خيوط وإِبر، ولا يدفعون إلى القصَّار والبنَّاء قيمة ما يستهلك من أخشاب وأدوات.

ومن ذلك ما تعارف عليه أصحاب الشركات على أن العامل يستحقُّ يوم عطلة من عمله كلَّ أسبوع، كما يستحقُّ إِجازة سنويَّة لها عدد محدَّد من الأيام.

وجرت العادة في بعض البلاد على إِعادة ظرف الهدية إلى المُهْدي، وجرت العادة في بلاد أخرى على عدم ردَّها، وكلُّ قوم يتعاملون وفق عرف أهل بلادهم.

المطلب الثاني

العرف العام والعرف الخاص

ويُقْسَمُ العرف إلى عام وخاص:

فالعرف العامُّ هو الذي يكون فاشيًا في جميع البلاد بين جميع الناس في أمر من الأمور. ومن العرف العامَّ ما يكون عالميًّا كتعارف الناس على تسمية أيام الأسبوع، وكاتفاقهم على بداية الأشهر والسنوات، واتفاقهم على عدد أيام السنة ونحو ذلك.

ومن العرف العامَّ ما يكون شائعًا عند جميع المسلمين، كلفظ (دابُّة) ، فإن وضع هذه الكلمة بأصل اللغة كلَّ ما يدبُّ على الأرض من ذي حافر وغيره، ثمَّ هُجر الوضع الأول، وصارت في العرف حقيقة للفرس، ولكلّ ذات حافر.

ومن العرف العامَّ كلُّ ما شاع استعماله في غير موضعه اللغويّ كالغائط والعذرة والراوية، فإنَّ حقيقة الغائط المطمئنُّ من الأرض، والعذرة فناء الدار، والراوية الجمل الذي يستقى عليه الماء (١) ، وقد سبق بيان هذا.

والعرف الخاص هو الذي يختصُّ ببلد أو فئة أو طائفة من الناس، مثل عرف النحاة في إطلاق اسم الفاعل على كل اسم مرفوع تقدَّمه فعل ودلَّ على فعل الفعل، وتعارف بعض البلاد على دفع الأجرة في أول العام، وآخرون في آخر العام، ونحو ذلك.


(١) راجع شرح الكوكب المنير، لابن النجار: ١ /١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>