للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن يذكر الفقيه سنة قولية أو فعلية متعلقة بالقضية الحقوقية، فدور العرف هنا عبارة عن تأييد المعنى من اللفظ كما بينا ذلك تحت عنوان " التفسير بالمعنى ".

والثاني: أن يستند الفقيه في استدلاله إلى مجرد التعامل المذكور. ففي هذه الحالة لا يكون المقصود إلا سنة تقريرية أي تعاملًا استصوب النبي صلى الله عليه وسلم ديمومته.

٢-١-٣ في الاجتهاد الاستصلاحي:

كما سبق أن بينَّا تحت عنوان " مكانة العرف والعادة في التشريع الإسلامي بصفة عامة "، فإن المبادئ العامة للتشريع الإسلامي تقف إزاء العرف – فيما أصبح مألوفًا بين الناس وفي التصرفات التي تركت أثرها العميق في الحياة الاجتماعية – موقفًا إيجابيًّا ما لم يكن مخالفًا لها ومغايرًا لروحها.

وخاصة عندما نأخذ بعين الاعتبار أن الأصوليين يرون بصورة عامة أن حوادث الحياة لا حدود لها، أما النصوص محدودة وكذلك أنهم يتبنون مبدأ عدم ترك أية حادثة حقوقية قط دون حكم (١) .، نجد ميدان الاستفادة من العرف بشكل أوسع في مجال الاجتهاد الاستصلاحي. وبعبارة أخرى، فإن العرف الذي لم يدخل في إطار مفهوم " العرف الفاسد " له مكانة هامة في هذا النوع من الاجتهاد الذي يستند إلى المصالح المرسلة. لأنه يعتبر من الظواهر الرئيسية التي تعطينا أوثق المعلومات حول مصالح الناس (٢) .

٢-٢ دور العرف والعادة في تطبيق القانون:

إن مفهوم " تطبيق القانون " يعني بشكل موجز ومختصر كيفية إقدام القاضي على تناول القواعد القانونية للتطبيق (٣) .


(١) الجصاص، أصول الفقه (مخطوط) ، ق. ٢٦١/١؛ الجويني، البرهان: ٢ /٧٤٣؛ البخاري، كشف الأسرار: ٣ /٢٧١؛ ابن رشد، بداية المجتهد، القاهرة، ١٩٥٢م، ١ /٣.
(٢) انظر: السرخسي، المبسوط: ١٢ /٤٥.
(٣) يجب التنبه إلى أن المقصود من "القانون" هنا هو القانون بالمعنى العام droit (وهو مجموعة القواعد الملزمة التي تحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم في المجتمع) ، وليس بالمعنى الخاص Ioi انظر: فرج الصدة، أصول القانون: ص ١٢. وينبغي أيضًا التفريق هنا بين مفهوم، تطبيق القانون، وبين مفهوم، التطبيقات القانونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>