للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣-٢- أنواع العرف من حيث المحيط الذي فشا فيه:

٣-٢-١- العرف العام:

هو ما تعارفه عامة أهل البلاد سواء كان قديمًا أو حديثًا أي سواء كان في عهد الرسالة وعهود الاجتهاد أو في عهود التقليد (١) ، وينتظم هذا النوع كثيرًا من الظواهر الاجتماعية الفاشية في جميع البلاد بين جميع الناس مما لها مساس بالأحكام الفقهية فعلى سبيل المثال يمكن ذكر عقد الاستصناع وبيع المعاطاة، وتأجيل جانب من مهور النساء.

والدور المعترف به للعرف العام يتمثل في عبارة الفقهاء التالية: العرف العام يثبت به الحكم العام (٢)

٣-٢-٢- العرف الخاص:

هو الذي لا يكون فاشيًّا في جميع البلاد بين جميع الناس بل يكون مخصوصًا بقطر أو مكان دون آخر، أو بفئة من الناس دون أخرى، فأشكال وبيئات هذا النوع كثيرة لا تحصى، لأنه التعامل الجاري بين أرباب حرفة معينة أو صنعة معينة على أن يكون مصطلحات هذه الفئة أو ذلك الفن داخلة فيه يعتبر كلها من قبيل العرف الخاص مثل عرف التجار فيما يعد عيبًا، وما لا يعد كذلك والألفاظ التي اصطلح عليها المحامون أو أصحاب حرفة الخياطة وتعارف أهل بلد معين بالنسبة لألفاظ الوقف والوصايا والأيمان.

أما دور العرف الخاص فيتجلى في إفادة الحكم بين متعارفيه فقط لا بين عامة أهل البلاد فبعبارة الفقهاء: العرف الخاص يثبت به الحكم الخاص (٣) .

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الألفاظ التي تم استعمالها من طرف الشارع في معانٍ خاصة نحو الصلاة والزكاة أيضًا من قبيل العرف الخاص مثل مصطلحات أهل حرفة معينة.

وكلتا الفئتين تدخلان في نوع العرف اللفظي باعتبار الماهية كما سنرى قريبًا ولكن الفقهاء لا يزالون يعتادون إطلاق اسم " العرف الشرعي " على تلك الألفاظ بناء على شرفها وأهميتها (٤) ورغم ما قد يكون هناك من حسن التنويه به إلا أن هذا لا يكون مسوغًا لإضافة هذا القسم نوعًا مستقلًا (٥) .

٣-٣ أنواع العرف من حيث ماهيته:

٣-٣-١-العرف اللفظي أو القولي:

هو ما تعارف عليه الناس في بعض ألفاظهم أو تراكيبهم في معنى معين غير المعنى الموضوع لها لغة بحيث يصبح ذاك المعنى هو المفهوم المتبادر منها إلى أذهانهم عند الإطلاق بلا قرينة ولا علاقة عقلية كتعارفهم إطلاق لفظ " الولد " على الذكر دون الأنثى وإطلاق لفظ "الدراهم " على النقود الرائجة في البلد مهما كان نوعها وقيمتها حتى الورق النقدي في يومنا مع أن الدراهم في الأصل نقد فضي مسكوك بوزن معين وقيمة محددة، وإطلاق لفظ " البيت" على الغرفة في بعض البلدان وعلى الدار بجملتها في البعض الآخر.


(١) أبو سنة، العرف والعادة: ص ١٩
(٢) ابن عابدين، نشر العرف (في مجموعة الرسائل) : ٢ /١٣٢؛ علي حيدر، درر الحكام: ١ /٩٤.
(٣) الحموي، غمز عيون البصائر: ١ /١٣٤؛ علي حيدر، درر الحكام: ١ /٩٤.
(٤) رشيد باشا، روح المجلة: ١ /١١٩؛ الدريني، علي حيدر، المرجع السابق: ١ /٩٤
(٥) الخياط، نظرية العرف، ص ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>