للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- أركان العرف وشروط اعتباره:

ليس من البعيد أن تتكون في مجتمع ما أعراف وعادات لا تتفق والنظام الحقوقي السائد في ذلك المجتمع فلهذا ينبغي – في نظرنا – التمييز بين شروط الوجود للعرف أو شروط تحققه وبين شروط اعتباره وإذا اعتبرنا تعريف كل من مفهومي" الركن " و" الشرط " يمكن أن نطلق على الفئة الأولى من الشروط " أركانًا " وعلى الفئة الثانية منها " شروط الصحة " وبما أن القانون يعتبر العرف بصراحة مصدرًا من المصادر الشكلية في الفقه الوضعي في أغلب الأحيان نجد القانونيين ممن يتعرض لموضوع العرف يقفون عند أركان (أو عناصر) العرف بالدرجة الأولى ولا يهتمون بشروط الاعتبار (الصحة) للعرف إلا في الدرجة الثانية أو في إطار دراسة الأركان بينما يلاحظ أن المؤلفين في مجال الفقه الإسلامي يتناولون الأركان وشروط الصحة كلها تحت عناوين مثل " شروط العمل بالعرف " أو "شروط اعتبار العرف " وغيرها والمنهج الصحيح – في رأينا – هو التمييز بين هاتين الفئتين من الشرط.

٥-١ أركان العرف:

رأينا في ما سبق أن الفقهاء المسلمين لم يتناولوا العرف كقاعدة قانونية وكمصدر من المصادر الشكلية للحقوق وأن تصريحاتهم المتعلقة بالعرف والعادة تشملهما معًا سواء كانا لفظين أو عمليين بينما المؤلفون في مجال القانون يتعرضون للعرف من زاوية أنه مصدر من مصادر الحقوق ولهذا نجدهم يقيدون أنفسهم بنطاق السلوك فقط، ويدرسون عناصر العرف من هذا المنظار أما المؤلفون المعاصرون في مجال الفقه الإسلامي – حين تطرقهم إلى شرائط العرف – فيتقيدون بمسائل العرف العملي تارة، ويخوضون في مسائل العرف القولي أيضًا تارة أخرى ومع ذلك فالملاحظ أن العرف العملي هو السائد في بحوثهم لشرائط العرف.

ونحن لا نرى بأسا في تناول أركان العرف وفقًا للتعريف التالي: " العرف هو اعتياد الناس على سلوك معين في ناحية من نواحي حياتهم الاجتماعية بحيث تنشأ منه قاعدة يسود الاعتقاد بأنها ملزمة " (١) واضعين نصب أعيننا أن تعريف النسفي للعرف أيضا يتركز على أساس " السلوك " (٢) .


(١) فرج الصدة، أصول القانون: ص ١٤٠، ١٤١، ١٤٤.
(٢) مع أن لفظ "ما " يشمل القول والفعل، فإن عناصر التعريف الأخرى تجعله متركزًا على "السلوك"، كما يؤيد هذا المعنى ما ورد في كلام النسفي أثناء ذكره الأصول، إذ يقول: " تعامل الناس "، المستصفى، مخطوط، ق ٥/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>