للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقة أن لزوم اطراد العرف أو أغلبيته في أكثر الحوادث تكمن في كلمة " الاعتياد " (أو " العادة " " كما قال الأستاذ الزرقاء) الواردة في تعريف العرف والتي ينبني عليها وجوده ويؤكد ذلك ما قاله الأستاذ الزرقاء في مكان آخر: " يقول الفقهاء في بعض المواطن: إن العادة تتحقق بتكرر الفعل مرتين أو ثلاثًا، لأنها مأخوذة من العود أو المعاودة ولا يخفى أن مرادهم بذلك عادة الفرد أما عادة الجماعة التي هي بمعنى عرف للجمهور، فلا ينطبق عليها هذا الحد، لأن العادة لا تشيع وتنتشر بين الجماهير إلا بعد أن تتكرر بين الناس مرات لا تحصى) (١) أما إن كان الأستاذ الجليل يقصد بهذا التفريق اعتبار العرف ملزمًا بين جميع القوم أو أكثرهم، فإننا سنتناول هذه الناحية تحت عنوان: " الركن المعنوي للعرف "، وبناء على ذلك ينبغي اعتبار الاطراد أو الغلبة ركنًا من أركان العرف لا شرطًا من شرائطه.

وليس بالإمكان تحديد الحيز الزمني لتكون هذا الركن، أي التطبيق المطرد أو الغالب للعرف ومع أن صاوا باشا يشترط استمرار العمل بالعرف طوال ثلاثة أجيال على الأقل (٢) .

هناك آراء حول العدد الذي تحصل به العادة لا نرى مبررًا لذكرها، انظر: الجيدي، العرف والعمل: ص ٨٢.

فإنه من البديهي أن هذا لا يتعين إلا حسب نوعية العرف وظروف تكونه، وبخاصة حسب درجة الانتشار لوسائل المواصلات في مكان العرف.

ويطلق على هذا الركن في النظريات القانونية الحديثة العنصر الخارجي أو المادي أو الموضوعي (element objectif, element materiel) للعرف والجدير بالإشارة أن القانون التجاري الكويتي (المادة ١٥٩) أخذ المادتين ٤١ و٤٢ من مجلة الأحكام العدلية بنفس العبارات، وقال: " إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت والعبرة للغالب لا للنادر " (٣) .


(١) المرجع نفسه ٢ /٨٣٩، ٨٤٠ هامش ١
(٢) SAVAPASA, Islam Hukuk Nazariyati ١⁄٢ pti Hakkinda Bir Etud ترجمه من الفرنسية إلى التركية (دراسة حول نظريات الفقه الإسلامي) : Baha ARIKAN, Ankara, ١٩٥٥, ٢/٥٧.
(٣) ينظر للخواص التي يجب توافرها في هذا العنصر: الحجازي، المدخل لدراسة العلوم القانونية: ص ٤٤٧- ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>