للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقة أن هذا التوضيح الأخير كان من الواجب أن يحتل مكانه تحت عنوان " شروط اعتبار العرف / عدم مخالفته للنص " حسب التخطيط العلمي، إلا أننا اضطررنا إلى الإتيان به لنبين مكانة العنصر المعنوي في تفكير وعبارات الفقهاء المسلمين وننبه إلى المعنى الذي يستندون إليه في هذا الموضوع.

٥-٢- شروط اعتبار العرف:

هناك شروط يجب توفرها لاعتبار العرف في الشريعة الإسلامية إلى جانب ركنيه المادي والمعنوي، وهي ما يلي:

٥-٢-١- أن لا يكون العرف طارئًا:

والمراد من هذا الشرط أن يكون العرف مقارنًا لزمن الشيء الذي يحمل على العرف وليس حادثًا وما من شك في أن لهذا الشرط أهميته ولا سيما في تفسير النصوص وتفسير التصرفات القانونية (انظر لأمثلة دور العرف في تفسير النصوص الباب الأول ٢-١-١، ودور العرف في تفسير التصرفات القانونية ٢-٢-٣) .

ومقتضى هذا الشرط أن العرف اللفظي أو العملي الذي يعول عليه لفهم النص يجب أن يكون موجودًا في وقت نزوله ووروده دون الحادث بعده، وكذلك العرف الذي يراد تحكيمه في تعيين حكم التصرف القانوني يجب أن يكون موجودًا عند التصرف دون ما يحدث بعده (١) على أنه ليس كل عرف طارئ غير معتبر، فالقاعدة ليست على عمومها (٢) .

فمثلًا يشير الزركشي إلى قضية البطالة في المدارس الموقوفة ويقول: " فقد اشتهر في هذه الأعصار ترك الدروس في الأشهر الثلاثة فكل مدرسة وقفت بعد ذلك ولم يتعرض واقفها لذلك ينزل لفظه على العادة وأما الموقوف قبل هذه العادة أو ما شك فيه هل هو قبلها فلا ينزل على العرف الطارئ " ويلاحظ أنه يربط القضية في آخر المطاف بكون العرف عامًّا أو خاصًّا (٣) .


(١) ابن نجيم، الأشباه والنظائر: ١ /١٣٣؛ أبو سنة، العرف والعادة: ص ٦٥؛ دواليبي، المدخل إلى علم أصول الفقه: ص ٢٣٦، ٢٣٧؛ الزرقاء، المدخل الفقهي: ٢ /٨٧٦ – ٨٧٩.
(٢) الدريني، المناهج الأصولية: ص ٥٨٧.
(٣) الزركشي (بدر الدين بن محمود بن بهادر) ، المنثور في القواعد، تحقيق: تيسير فائق أحمد محمود، الكويت، ١٩٨٢ /، ٢ /٣٩٤، ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>