للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥-٢-٢- أن لا يوجد تصريح بخلاف العرف:

إذا أخذنا بعين الاعتبار أن تحكيم العرف في تفسير العقود في تفسير العقود وتنزيل الأمر المعروف منزلة المشروط (" المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا "، المجلة، المادة ٤٣، ٤٤) ، يعود إلى فكرة سكوت المتعاقدين عن الأمر المتعارف اعتمادًا على العرف الجاري، يتبين لنا بجلاء أن العرف في هذه الحالات من قبيل الدلالة فإذا صرح المتعاقدان بخلاف العرف بطلت هذه الدلالة لأن القاعدة المقررة تقول: " لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح " (المجلة، المادة ١٣) (١) .

وهنا نود أن نسترعي الانتباه إلى أن القواعد مثل " التعيين بالعرف كالتعيين بالنص " مما اعتمد عليه بعض الباحثين بصدد إثبات سلطان العرف في الفقه الإسلامي تنص في حقيقة الأمر على أهمية الإرادة المصرح بها إلى جانب التنوية بدور العرف في تفسير العلاقات القانونية إذا لم يوجد تصريح في القضية المعروضة لأن " النص " هنا يستعمل في المعنى "التصريح "وليس في معنى " النص الشرعي " (٢) وذلك بخلاف " النص " الوارد في عبارات تتناول مسألة معارضة العرف مع النص (٣) .

٥-٢-٣- أن لا يكون العرف مخالفًا للنص ومبادئ الشريعة:

إذا وضع الباحث نصب عينيه أن الشريعة الإسلامية تمتاز بخاصية كونها إلهية المنشأ لا يحتاج إلى توسيع النقاش فيما يخص حالة اصطدام العرف مع النصوص وروحها، وليس ذلك نابعًا عن احترام فكرة سلسلة المراتب للأدلة أي كون النص أقوى من العرف فحسب، بل ليتحاشى الفقيه من أن ينقض نفسه بنفسه أيضًا بينما نرى المؤلفين في الفقه الوضعي يتوسعون في مناقشة قضية اصطدام العرف مع القانون (٤) ، وإن كان القانون أقوى من العرف حسب ترتيب المصادر، وذلك لأن القانون عندهم يستقي قوته الإلزامية أيضا من الإرادة البشرية.


(١) علي حيدر، درر الحكام: ١ /٩٣؛ الزرقاء، المدخل الفقهي: ٢ /٨٧٩، ٨٨٠.
(٢) انظر مثلًا: السرخسي، المبسوط: ١٢ /١٦٠.
(٣) انظر مثلا: السرخسي، المبسوط: ١٢ /١٩٦.
(٤) نشاهد أن الخلاف يتعرض لمسألة اعتبار العرف المخالف لأصل من الأصول، ويشترط لاعتباره أن يكون قد نشأة عن الضرورة ويقول بأنه يجب المصير إلى الاستثناء من الأصل وذلك بجعل الضرورة علة الاستثناء خلاف (عبد الوهاب) ، مصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه، مصر، ١٩٥٥م، ص ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>