للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يؤدي بنا إلى القول بأهمية العنصر الغائي بين العناصر التي يعول عليها في عملية التفسير وأهمية التفسير الغائي (interpretation teleologique) (١) .

ونرى لزامًا علينا أن نشير هنا إلى عدم مشاركتنا بالإطلاق للأستاذ الجليل الزرقاء في رأيه في موضوع حالة تعارض العرف مع الاجتهاد المستند إلى القياس النظري، إذا يقول: " الأحكام الاجتهادية التي يثبتها الفقهاء المجتهدون استنباطًا وتخريجًا عند عدم النص الشرعي عليها: إما أن تكون ثابتة بطريق القياس النظري على حكم أوجبه الشارع بالنص، لاتحاد العلة بين الحكم المقيس عليه والمقيس؛ وإما أن تكون ثابتة بطريق الاستحسان أو الاستصلاح عندما لا يوجد حكم مشابه منصوص يقاس عليه والاجتهادات الإسلامية تكاد تكون متفقة على أن الحكم القياسي يترك للعرف ولو كان عرفًا حادثًا، لأن المفروض عندئذ أن هذا العرف لا يعارضه نص خاص ولا عام معارضة مباشرة والعرف غالبًا دليل الحاجة، فهو أقوى من القياس، فيترجح عليه عند التعارض (نقلًا عن نشر العرف لابن عابدين) ، بل لقد ذكر العلامة المحقق ابن الهمام في شرح الهداية أن العرف بمنزلة الإجماع شرعًا عند عدم النص (نقلًا عن فتح القدير) ومن المعلوم أن ترجيح العرف على القياس يعتبر عند الحنفية والمالكية من قبيل الاستحسان الذي تترك فيه الدلائل القياسية لأدلة أخرى منها العرف " (٢) .


(١) بحثنا بعنوان " مقارنة بين موقف المجتهد تجاه النصوص في الفقه الإسلامي وبين موقف القاضي تجاه القانون في نظم الحقوق الحديثة " ألقي في الملتقي السابع عشر للفكر الإسلامي، قسنطينة (الجزائر) ، ١٩٨٣م انظر أيضًا: محمد شريف أحمد، نظرية تفسير النصوص المدنية / دراسة مقارنة بين الفقهين المدني والإسلامي، بغداد، ١٩٧٩م، ص ٨٢- ٩٨؛ محمد صبري سعدي، تفسير النصوص في القانون والشريعة الإسلامية، وهران (الجزائر) ، ١٩٨٤ م، ص ٢٠٨- ٢١٨، ٥٥١- ٥٦١ ونحبِّذ رأي الدكتور الديني حيث يقول: " المخصص في الواقع مستند العرف، لا العرف ذاته " (المناهج الأصولية: ص ٥٨٤) ، ونجده مؤكدًا لما أشرنا إليه وإن كان هذا الرأي قد حدد نفسه بقضية التخصيص.
(٢) الرزقاء، المدخل الفقهي: ٢ /٩١٣، ٩١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>