للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥-٣ بيع التقسيط والبيع الإيجاري (= الإيجار المنتهي بالتمليك) :

قد يتفق اثنان على أن يؤجر أحدهما للآخر سلعة من السلع القابلة للإجارة: أرض، مبنى، سيارة، باخرة، طائرة، آلة ... الخ، بحيث يسدد المستأجر أقساطًا إيجارية في مواعيد دورية منتظمة: كل شهر أو كل سنة أو غير ذلك، وبحيث إذا سدد من الأقساط المحددة عشرة أقساط مثلًا، تم نقل ملكية السعلة إلى المستأجر مع سداده القسط الأخير، وخلال مدة الإجارة قد توضع لوحة ظاهرة على الشيء المأجور، تبين أن هذا الشيء ملك لفلان المالك المؤجر.

وهذا ما يسمى " البيع الإيجاري " location – vente بالفرنسية، Hire purchase بالإنكليزية فهو إيجار ينتهي بالبيع (بالتمليك) ، ويلجأ إليه صاحب السلعة، بدل بيع التقسيط، رغبة منه في الاحتفاظ بملكية السلعة، خلال مدة تسديد الأقساط، فلا تنتقل ملكيتها إلى الطرف الآخر إلا بعد سداد الثمن المقسط كاملًا، فلو أفلس هذا لم تدخل السلعة في التفليسة، لكن ربما ادعى وكيل التفليسة أن البيع هو بيع تقسيط تحت ستار بيع إيجاري، ولو عقدت هذه المعاملة بيعًا بالتقسيط لانتقلت ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد إبرام عقد البيع، فإذا أفلس كانت أملاكه، ومنها هذا المبيع، موضع قسمة بين الدائنين (= الغرماء) .

وهناك صورة قريبة من البيع الإيجاري، في القانون الوضعي، وهي أن يعقد الطرفان عقد إجارة، مع وعد بالبيع، في نهاية الإجارة، وقد يكون هذا الوعد ملزمًا للطرفين أو غير ملزم، أو ملزمًا للبائع دون المشتري، فإن كان الوعد غير ملزم لأي منهما، فلا بأس بالمعاملة شرعًا، إذ في نهاية الإجارة، يعقدان البيع، ويتراضيان على الثمن أما إن كان الوعد ملزمًا، فلا نرى جوازه، لأن الوعد الملزم في حكم العقد لابد فيه من أن يكون الثمن معلومًا، وكيف يتم التراضي على ثمن، سلعة لا يعرف حالها إلا في نهاية الإجارة؟ وربما يتم نقل ملكية السلعة بدون ثمن أي هبة، وظاهر أنها حيلة (فاجتماع الهبة مع البيع كاجتماع السلف مع البيع، كلاهما ممنوع في الشرع) ، وإلا فليس من المعقول أن يهبه هبة حقيقية، فليس ثمة من الهبة إلا صورتها، ومما يزيد الحيلة وضوحًا أن المؤجر يملك السلعة المأجورة، ولكنه يتنصل بكل طريق من تحمل مخاطر الملك وصيانته، فهو إذن ملك صوري، ليس الغرض منه إلا الضمان، أي ضمان بقاء السلعة في ملكه حتى سداد ثمنها كاملا ومما يزيد الحيلة وضوحا أيضا أن الأقساط المسددة تكون أقساطًا بيعية (أي أقساط سداد الثمن) ، لا أقساطًا إيجارية (أقساط سداد الأجرة) ، فالأولى أعلى من الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>