للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥-٤ بيع التقسيط والتمويل الإيجاري:

التمويل الإيجاري (بالإنكليزية Leasing , وبالفرنسية Credit-bail)

صيغة تمويلية حديثة، ظهرت أو مرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٥٣م، وفي فرنسا عام ١٩٦٢م، واعترف بها القانون الفرنسي المؤرخ في ٢ تموز (يوليو) ١٩٦٦ م.

والتمويل الإيجاري هو كالبيع الإيجاري، إلا أن السلعة التي يراد تأجيرها لم تدخل بعد في ملك المؤجر، فهو يؤجرها قبل أن يشتريها، فهو إيجار قبل القبض (قارن في الشريعة: البيع قبل القبض) ، بل قبل الشراء.

والصورة القانونية لهذا التمويل الإيجاري هي أن يقدم أحد الطرفين وعدًا بالإجارة، ثم تعقد الإجارة بعد شراء السلعة التي يراد تأجيرها، ومع عقد الإجارة يكون هناك وعد ببيع السلعة إلى المستأجر في نهاية الإجارة، فإذن هناك وعدان، وقد يكون كل منهما ملزمًا أو غير ملزمًا، فإن كان الوعد في كل مرة غير ملزم، فلا بأس شرعًا، وإن كان الوعد ملزمًا فلا أرى الجواز، لأن الوعد الملزم، كما ذكرنا، في حكم العقد.

وعلى هذا فحكم التمويل الإيجاري عندي كحكم البيع الإيجاري، ويزيد عليه بأن، السلعة تؤجر قبل أن تشترى، وتباع بثمن محدد، أو بثمن السوق في نهاية الإجارة، وهذا كله لا يسلم جوازه، ولم يفلح مُفْتٍ في إثبات جوازه.

وللتمويل الإيجاري في البلدان الصناعية شركات متخصصة تقدم تسهيلاتها للمنشآت الصناعية بصورة خاصة، وتؤثر هذه الشركات هذه الصيغة على القرض (الربوي) الصريح، لأن المال الممول (السلعة المؤجرة) تكن في ملكها، ولا تندمج ضمن موجودات المنشأة الصناعية، ومع أن الشركة الممولة تعتبر مالكة للمأجور، إلا أنها تلقي على عاتق المستأجر كافة الأخطار التي يجب أن يتحملها المالك أصلًا، بما في ذلك أخطار العيوب التي قد توجد في السلعة المؤجرة، لدى تسلمها من الشركة الصانعة، وأخطار التأخر في تسلمها من هذه الشركة الصانعة، ذلك لأن القصد هو التمويل، وما الغرض من التأجير إلا المزيد من الضمانات للشركة الممولة.

٥-٥ بيع التقسيط وبيع المرابحة للآمر بالشراء:

بيع المرابحة للآمر بالشراء، المطبق اليوم في المصارف الإسلامية، صورته أن يتواعد العميل مع المصرف، بأن يشتري هذا الأخير سلعة موصوفة (يصفها العميل) بثمن معجل، ثم يبيعها إليه بثمن مؤجل أعلى، وهذه المواعدة ملزمة في بعض المصارف للطرفين: المصرف والعميل، وفي بعض المصارف الأخرى ملزمة للمصرف دون العميل وعندي أنها غير جائزة إلا بالخيار للطرفين، وقد فصلت هذا في بحوث مستقلة، منها بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي بجدة.

فبيع المرابحة، بمعناه المطبق في المصارف الإسلامية، يشتمل إذن على بيع معجل بين المصرف وبائع السلعة، وبيع مؤجل بين المصرف ومشتري السلعة، وجواز البيع المؤجل، بزيادة في الثمن لقاء الأجل، لا يرقى إليه شبهة، ولكنه لا يعني بالضرورة جواز بيع المرابحة هذا، ما لم تكن المواعدة فيه غير ملزمة لأي من الطرفين، كما بيَّنَّا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>