للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الأدلة العقلية (الاستنباطية) :

يظن البعض أن الزيادة في الثمن الآجل هي من قبيل الربا " المحرم "، وما دام الأمر كذلك، فإننى سأستخلص لهم من حديث الربا نفسه ما لعله يقنعهم بأن هذه الزيادة، وإن كانت ربا، إلا أنها ليست محرمة، فهذا الدليل الذي سنسوقه لهم إذن ليس دليلًا عقليًا محضًا، إنما هو دليل عقلي معتمد على أساس نقلي ثابت صحيح.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد)) ، رواه مسلم في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي ٤/٩٨) .

من هذا الحديث نستخلص الأحكام التالية:

١- الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو البر بالبر. . . الخ، يجب فيه التساوي في النوع (مثلًا بمثل) والقدر (سواء بسواء) والزمن (يدًا بيد) .

ويلاحظ أن من أن من مكملات التساوي في النوع والقدر التساوي في الزمن أيضا، قال في شرح فتح القدير ٧/٧: " من تتميم التماثل المساواة في التقابض، فإن للحال مزية على المؤخر ".

فلو تساوى العوضان في الجنس والنوع والقدر، ولم يتساويا كذلك في الزمن، بل أحدهما كان معجلًا والآخر مؤجلًا، أو أحدهما مؤجلًا إلى أجل قريب والآخر إلى أجل بعيد، لاختل أمر التساوي في هذه المعاوضة، ولكان هناك ربا يسميه الفقهاء " ربا نَساء "، بمعنى أن صاحب البدل المعجل فد أربى على صاحب البدل المؤجل، وهذا دليل شرعي على أن المعجل خير من المؤجل، إذا تساويا في كل الأمور، خلال الزمن.

٢- الذهب بالفضة، أو القمح بالشعير. . . الخ، يجب فيه التساوي في الزمن (يدًا بيد) ، ولكن يجوز فيه عدم التساوي في الوزن أو في الكيل وإنما جاز فيه التفاضل لاختلاف الصنفين (= الجنسين) ولم يجز فيه النساء لشبهة القرض الربوي، إذ يمكن أن يفرض أحدهم دنانير ذهبية، ويسترد دراهم فضية، ويكون له فضل في المقدار مراعاة لاختلاف الصنفين، وفضل آخر مراعاة لاختلاف الزمنين، وهذا في الحقيقة يشبه قرضًا ربويًا عقد بنقد وسدد بنقد آخر.

ومن الأحاديث التي تجيز بيع النسيئة وبيع السلم، نستخلص أيضا أن:

٣- الذهب بالقمح، أو الفضة بالشعير. . . الخ، يجوز فيه الفضل والنساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>