للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يلاحظ أن ربا الفضل وربا النساء كان محرمين في المبادلة الأولى (الذهب بالذهب. . .) ، وأن ربا النساء كان محرمًا في المبادلة الثانية (الذهب بالفضية. . .) أما في المبادلة الثالثة (الذهب بالقمح) فلم يعد شيء من هذا محرمًا، لا ربا فضل ولا ربا نساء، فيجوز في هذا النوع من المبادلات الفضل لاختلاف الصنفين، والفضل لاختلاف الزمنين، أي لأجل النساء، ولو لم يجز الفضل للنساء لحرم النساء ألا تذكر قول الزيلعي في تبيين الحقائق ٤/٧٨: " إن الثمن المؤجل أنقص في المالية من الحال، ولهذا حرم الشرع النساء في الأموال الربوية "، أي في مبادلة كالذهب بالذهب، أو القمح بالقمح، ذلك بأن النساء كما رأينا يخل بتساوي البدلين، والفضل في البدل المؤجل يعيد التساوي إلى البدلين.

وعليه، فإن القمح إذا بيع بالذهب نسيئة أو تقسيطًا، أمكن زيادة الثمن المؤجل أو المقسط على الثمن المعجل، من اجل تحقيق التساوي (العدل) في المعاوضة.

ومن هذا العرض، يمكن أن يلاحظ القارئ أن الربا ليس كله حرامًا، وسنفرد لهذا مبحثًا لمزيد من الإثبات.

٧-٤ استدلالات خاطئة على جواز الزيادة في الثمن لأجل التقسيط:

كما أن بعض العلماء استدل باستدلالات خاطئة لإثبات جواز الحطيطة للتعجيل، فإن بعضًا آخر قد استدل باستدلالات خاطئة لإثبات جواز الزيادة للتأجيل، وقد تعرضنا، في موضع آخر من هذه الدراسة، لتفنيد الاستدلالات الأولى، وسنتعرض هنا لتفنيد الاستدلالات الأخرى.

١- إن المشتري الذي يتسلم المبيع، قبل دفع ثمنه كاملًا، إنما يتسلم عينا مغلة ينتفع بها، وتصلح أن تكون موضع اتجار، وهذا بخلاف النقود، فإن من يتسلمها إنما يتسلم عينًا لا تختلف فيها الأثمان باختلاف الأزمان، لأنها هي مقياس القيم والأثمان، ولا تغل بنفسها، بل تغل بالاتجار (الإمام زيد لأبي زهرة ص ٢٩٤) .

يعتمد صاحب هذه الحجة على ما هو معروف من التفرقة بين النقود التي تقدم قرضًا، والنقود التي تقدم قراضًا (= مضاربة) ، فلا تجوز شرعًا الفائدة على النقود المقرضة، لأنها لا تغل بنفسها، ويجوز شرعًا أن تشترك النقود بحصة من الربح الصافي، كما يحصل في القراض، ذلك بأن النقود في القراض تغل بمساعدة العمل، عمل المضارب، وهي معرضة لخطر الخسارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>