للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رد ابن تيمية في مسألة بيع ما لم يضمن على وجود التلازم بين الضمان، وجواز التصرف، وقال: "وأصول الشريعة توافق هذه الطريقة، فليس كل ما كان مضمونًا على شخص كان له التصرف فيه كالمغصوب، والعارية، وليس كل ما جاز التصرف فيه كان مضمونًا على المتصرف كالمالك له أن يتصرف في المغصوب والمعار فيبيع المغصوب من غاصبه وممن يقدر على تخليصه منه وإن كان مضمونا على الغاصب، كما أن الضمان بالخراج فإنما هو فيما اتفق ملكًا ويدًا، وأما إذا كان الملك لشخص، واليد لآخر فقد يكون الخراج للمالك، والضمان على القابض"، كما ذكر عدة أمثلة أخرى في باب الإِجارة، وبيع الثمار، ونحوهما، كما ذكر أن النصوص خاصة ببيع الطعام قبل قبضه، أو توفيته، ومن هنا تبقى بقية التصرفات على الإباحة، حيث يقول: "وأيضًا فليس المشتري ممنوعًا من جميع التصرفات، بل السنَّة إنما جاءت في البيع خاصة، ولو أعتق العبد المبيع قبل القبض فقد صح إجماعًا... " (١) .

ثم إن جميع التصرفات ليست كالبيع، لأن النص وارد فيه فقط، وتبقى بقية التصرفات على الجواز، يقول ابن بطال: "أجمعوا على أن البائع إذا لم ينكر على المشتري ما أحدثه من الهبة والعتق أنه جائز، واختلفوا فيما إذا أنكر ولم يرض، فالذين يرون أن البيع يتم بالكلام دون اشتراط التفرق بالأبدان يجيزون ذلك، ومن يرى التفرق بالأبدان لا يجيزونه والحديث – أي حديث ابن عمر في البخاري – حجة عليهم " (٢) . ويقول شيخ الإٍسلام ابن تيمية: "وأيضًا فليس المشتري – أي قبل القبض – ممنوعًا من جميع التصرفات، بل السنة إنما جاءت في البيع خاصة، ولو أعتق العبد المبيع قبل القبض فقد صح إجماعًا ..." (٣) .

ومن جانب آخر أن هذا المنع خاص بالمبيع عند جمهور الفقهاء، أما الثمن فيجوز التصرف فيه – من غير الصرف – قبل القبض عندهم (٤) ، هذا أيضًا تضييق لدائرة المنع، وحصر لها فيما ورد فيه النص وهو المبيع دون الثمن، وهذا يؤكد على أن الأصل الحل، فجاء النص الصريح الثابت فمنع من بيع الطعام قبل القبض، وبقيت بقية التصرفات على الحل والإِباحة والله أعلم.


(١) مجموع الفتاوى: ٢٩/٤٠١.
(٢) فتح الباري: ٤/٣٣٥.
(٣) مجموع الفتاوى: ٢٩/٤٠١.
(٤) فتح الباري: ٤/٣٣٥، مجموع الفتاوى: ٢٩/٤٠١ ويراجع الفتاوى الهندية ٣/١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>