للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر القبض في العقود الفاسدة

(١)

لا خلاف بين الفقهاء في أن العقود الفاسدة لا يترتب عليها قبل قبض المعقود أي أثر شرعي غير أن الحنفية ذهبوا إلى أن العقود الفاسدة إذا أعقبها القبض فإنه يترتب عليه بعض الآثار الشرعية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن جمهور الفقهاء يرتبون على القبض في العقود الفاسدة بعض الآثار من حيث الضمان ونحوه (٢) .

والفرق بين الجمهور وبين الحنفية في هذه المسألة: أن الحنفية جعلوا الآثار التي تترتب على القبض في العقد الفاسد من آثار العقد نفسه، في حين أن الجمهور لم ينظروا إلى العقد الفاسد، وإنما رتبوها على القبض والرضا من الطرفين به.

ونحن نذكر هنا آراء الفقهاء في هذه المسألة، وبعض نصوصهم التي توضح المراد.

فالحنفية وسعوا في أثر القبض في العقد الفاسد على تفصيل ذكره فقهاؤهم، جاء في الدر المختار: "وإذا قبض المشتري المبيع برضا بائعه صريحًا، أو دلالة – بأن قبضه في مجلس العقد دون أن ينهاه – في البيع الفاسد ملكه إلا في ثلاث: في بيع الهازل، وفي شراء الأب من ماله لطفله، أو بيعه له كذلك فاسدًا لا يملكه حتى يستعمله ... وإذا ملكه تثبت كل أحكام الملك إلا خمسة لا يحل له أكله، ولا لبسه، ولا وطؤها، - أي إذا كانت جارية – ولا أن يتزوجها منه البائع، ولا شفعة لجاره ... ولا شفعة بها" (٣) .


(١) ذهب الحنفية إلى التفرقة بين العقد الباطل والعقد الفاسد، فقالوا: الباطل: هو ما لم يشرع لا بأصله ولا بوصفه، والفاسد هو الذي شرع بأصله دون وصفه، وأما الجمهور فقالوا بترادفهما، والجميع متفقون على أن العقد الباطل لا يترتب عليه أثر شرعي من آثار العقد – كقاعدة عامة – وأن الحنفية متفقون مع الجمهور في أن العقد الفاسد بمجرده لا يترتب عليه أثر شرعي، غير أن الحنفية قالوا: إذا تم القبض في العقد الفاسد فإنه يترتب عليه بعض الآثار منها انتقال الملكية في البيع، وقالوا: ومع إتمام القبض يظل الفسخ واجبًا في الشرع، لإزالة الفساد إلى أن يتعذر ذلك، وأما الإِثم فيبقى على العاقدين في كل الأحوال ما داما لم يفسخا. انظر في تفصيل هذه المسألة من حيث تحرير محل النزاع، ومنشأ الخلاف، وهل الخلاف لفظي أو معنوي: تيسير التحرير لأمير بادشاه: ٢/٢٣٤، والتوضيح على التلويح: ١/٢١٨، والمستصفى: ١/٩٤، والمنثور في القواعد للزركشي ٢/٣٠٣، والتمهيد للأسنوي: ص ٥٩، وتخريج الفروع: ص ٧٦، ورسالتنا في مبدأ الرضا في العقود: ١/١٥٥.
(٢) ذهب الحنفية إلى التفرقة بين العقد الباطل والعقد الفاسد، فقالوا: الباطل: هو ما لم يشرع لا بأصله ولا بوصفه، والفاسد هو الذي شرع بأصله دون وصفه، وأما الجمهور فقالوا بترادفهما، والجميع متفقون على أن العقد الباطل لا يترتب عليه أثر شرعي من آثار العقد – كقاعدة عامة – وأن الحنفية متفقون مع الجمهور في أن العقد الفاسد بمجرده لا يترتب عليه أثر شرعي، غير أن الحنفية قالوا: إذا تم القبض في العقد الفاسد فإنه يترتب عليه بعض الآثار منها انتقال الملكية في البيع، وقالوا: ومع إتمام القبض يظل الفسخ واجبًا في الشرع، لإزالة الفساد إلى أن يتعذر ذلك، وأما الإِثم فيبقى على العاقدين في كل الأحوال ما داما لم يفسخا. انظر في تفصيل هذه المسألة من حيث تحرير محل النزاع، ومنشأ الخلاف، وهل الخلاف لفظي أو معنوي: تيسير التحرير لأمير بادشاه: ٢/٢٣٤، والتوضيح على التلويح: ١/٢١٨، والمستصفى: ١/٩٤، والمنثور في القواعد للزركشي ٢/٣٠٣، والتمهيد للأسنوي: ص ٥٩، وتخريج الفروع: ص ٧٦، ورسالتنا في مبدأ الرضا في العقود: ١/١٥٥.
(٣) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٤/١٢٣-١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>