للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبَّ إليه من أن يسأل العافية (١)، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء ينفع مما نزل (٢) ومما لمْ ينزلْ فعليْكمْ (٣) عباد الله بالدعاء. رواه الترمذي، والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وهو ذاهب الحديث عن موسى بن عقبة عن نافع عنه، وقال الترمذي: حديث غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

١٤ - وعنْ سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله حيى (٤) كريمٌ يستحيي إذا رفع الرَّجل إليه يديه أن يردَّهما صفراً خائبتين.


(١) السلامة من الأسقام والبلايا، وهي الصحة وضد المرض. أهـ نهاية.
أي اطلبوا منه سبحانه النجاة في الدين والدنيا، وسعادة الحياة وخلوها من شوائب الأقذار.
(٢) يلطف الله، ويخفف ما قدر جل وعلا.
(٣) التجئوا يا عباد الله إلى التضرع إلى ربكم عز شأنه. وفي مقدمة جواهر البخاري:
وأدعو الله مغفرة وعفوا ... وإحسانا وعيشاً في يسار
ويقبل ما كتبت بحسن قصد ... وإخلاص ويرضي عن (عمار)
ويحشر (مصطفى) كرما وفضلا ... مع الأبرار في نزل الجوار
(٤) (حيي) كناية عن فضل الله المدرار الذي يصب انصبابا لسائله، يجيب الطلب كما يريد الداعي، وفي الغريب: يقال حيي فهو حيي، وقيل استحى فهو مستح.
قال تعالى:
أ - (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) وقال عز وجل:
ب - (والله لا يستحي من الحق).
وروي (إن الله تعالى يستحي من ذي الشيبة المسلم أن يعذبه (فليس يراد به انقباض النفس إذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك، وإنما المراد به ترك تعذيبه، وعلى هذا ما روي: (إن الله حيي): أي تارك للقبائح، فاعل للمحاسن أهـ ص ١٤٠.
فأنت تجد هذا التعبير الجميل (حيي كريم) يصور لك نهاية الجود والإحسان يتكرم الله فلا يخيب من دعاه قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستحييوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) ١٨٦ من سورة البقرة.
أي فقل لهم إني قريب، وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم.
روي أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فمنزلت (أجيب دعوة الداع) تقرير للقرب، ووعد للداعي بالإجابة (فليستحيبوا لي) إذا دعوتهم للإيمان والطاعة كما أجيبهم إذا دعوني لمهماتهم (وليؤمنوا بي) أمر بالثبات والمداومة عليه (يرشدون) راجين إصابة الرشد وهوه إصابة الحق أهـ بيضاوي.
سبحانه وتعالى خبير بأحوال الناس، سميع لأقوالهم: مجيب لدعائهم، مجازيهم على أعمالهم. شكرا لك يا رب أنعمت وأفضت الخير على العالم فنحمدك ونرجو أن تعفو عنا وترضي عنا وتبسط لنا الرزق وتوفقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>