للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقدم: ما يقوله من خاف شيئاً من الرياء في باب الرياء، وما يقوله بعد الوضوء في كتاب


= وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ١١١ قال رب أحكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون) ١١٢ من سورة الأنبياء.
إن شاهدنا أمر الله تعالى لنبيه الذي ندعو المسلمين إلى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم: أن نوحده، وأن نسلم: أي نخلص العبادة له وحده على مقتضى الوحي المصدق بالحجة، ودليل ذلك الإقبال على طاعة لله ورسوله وثمرتها العمل بشريعته وزيادة محبته (احكم) أي اقض بيننا وبين أهل مكة بالعدل المقتضي لاستعجال العذاب، التشديد عليهم بالنكال رجاء التوبة والاستغفار، والعمل لإرضاء الجبار القهار، ونخشى الآن أن نعذب، ورأينا آثار ذلك في نزع البركة من الزروع والثمار، والوظائف والصنائع. فاتقوا الله عباد الله، وأقبلوا على دين (الرحمن): أي كثير الرحمة على خلقه (المستعان): أي المطلوب منه المعونة.
نحن الآن نشكو من الأمراض وكثرتها، ومن آفات الحاصلات ورخصها ومن الأزمة، وعلاج ذلك ثلاثة:
أ - التوبة.
ب - كثرة الاستغفار، والذكر والصلاة والسلام على المختار.
جـ - العمل بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ١١١ ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) ١١٢ من سورة طه.
إن شاهدنا ألا يخاف المحسن، المصلى على النبي صلى الله عليه وسلم زيادة سيئات ظلما أو نقص حسنات هضما، فالله عدل، وأن تذل الوجوه وتخضع خضوع العتاة الأسارى في يد الملك القهار. وقال تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ١٢٣ ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ١٢٤ قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ١٢٥ قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ١٢٦ وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) ١٢٧ من سورة طه.
فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة (ذكرى) الهدي الذاكر لي، والداعي إلى عبادتي، ومنها الصلاة على حبيب الله صلى الله عليه وسلم (ضنكا) ضيقا (أعمى) البصر أو القلب. فجاءتك آياتنا واضحة نيرة سهلة التكاليف عذبة فتركتها غير منظور إليها (تنسى) تترك في العمى والعذاب وشدة الظلام (من أسرف) بالانهماك في الشهوات والإعراض عن الآيات، وترك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال النسفي: لما توعد المعرض عن ذكره بعقوبتين: المعيشة الضنك في الدنيا، وحشره أعمى في العقبى نختم آيات الوعيد بقوله: (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) أي للحشر على العمى الذي لا يزول أبدا أشد من ضيق العيش المنقضي، وورد في (ضنكا) عن ابن جبير: يسلبه القناعة حتى لا يشبع فمع الدين التسليم والقناعة، والتوكل فتكون حياته طيبة، ومع الاعراض والحرص والشح. فعيشه ضنك، وحاله مظلمة كما قال بعض المتصوفة: لا يعرض أحدكم عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته، وتشوق عليه رزقه أهـ.
آمنت بالله، وفهمت أن الصلاة على رسول الله جلاء البصر ونور الهدى يضيء القلوب فتطيع الله: اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتفضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات، وعلى آله وصحبه وسلم.
(إثبات الانشراح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع ذكره)
قال تعالى: (ألم نشرح لك صدرك ١ ووضعنا عنك وزرك ٢ الذي أنقض ظهرك ٣ ورفعنا لك ذكرك) =

<<  <  ج: ص:  >  >>