للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيَّاه، فأخذ الدِّرْهمين فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال أشترِ بأحدهما طعاماً فنبذه (١) إلى أهلك، واشتر بالآخر قدماً (٢) فائتني به، فأتاه به فشدَّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيدهِ، ثمَّ قال: اذهبْ فاحتطبْ وبعْ، ولا أرينَّك خمسة عشر (٣) يوماً ففعل فجاء، وقد أصاب (٤) عشرة دراهم، فاشتري ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة (٥) في وجهك يوم القيامة، الحديث. رواه أبو داود واللفظ له والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وتقدم بتمامه في المسألة.

٥ - وعن سعيد بن عميرٍ عن عمَّه رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الكسْبِ أطيب (٦)؟ قال: عمل الرَّجل بيده، وكلُّ كسبٍ مبرورٍ. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. قال ابن معين: عمّ سعيد هو البراء. ورواه البيهقي عن سعيد ابن عمير مرسلاً، وقال: هذا هو المحفوظ، وأخطأ من قال عن عمه.

٦ - وعنْ جميع بن عميرٍ عن خاله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ أفضل الكسب؟ فقال: بيع مبرورٌ (٧)، وعمل الرَّجل بيدهِ. رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير باختصار، وقال: عن خالد أبي بردة بن نيار، وروي البيهقي عن محمد ابن عبد الله بن نمير، وذكر له هذا الحديث، فقال: إنما هو عن سعيد بن عمير.

٧ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الكسب أفضل؟ قال: عمل الرجل بيده، وكلُّ بيعٍ مبرورٍ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورواته ثقات.


(١) فقدمه إلى أولادك.
(٢) آلة نجارة.
(٣) أي انتظر مدة، واقنع، واكدح، واصنع لتربح.
(٤) ربح.
(٥) أي أثرا قليلا كالنقطة شبه الوسخ في المرآة والسيف ونحوهما أهـ نهاية. فأنت ترى رجلا أنصاريا سائلا خير الخلق وأجودهم، صلى الله عليه وسلم فيربيه على الاعتماد على النفس، وعلو الهمة، والسعي وراء رزقه بكده، والاقتصاد فباع رداء كان عنده فأطعمه أهله بجزء من ثمنه، والآخر اشترى به عدة النجارة فما رزقه ورغد عيشه، ثم علمه الحكمة في قوة العزيمة وشرف النفس، وإن الشحاذ يغبر وجهه ويسود وتنقش عليه علامات الكآبة، وذل السؤال.
(٦) أفضل وأحل وأقرب إلى الله وأكثر ثوابا. وفيه ذم البطالة، والدعوة إلى العمل بنشاط بلا فتور.
(٧) تجارة يتحرى فيها صاحبها وجوه الحلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>