للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨ - وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن (١) (١)

أحدكمْ


(١) لقد فطر الله الإنسان يحب لنفسه الخير، ويكره لها الشر، فيجب أن يكون مطيعا لربه كريم الخلق صحيح الجسم ناجحا في أعماله غنيه عن غيره، آمنا على نفسه، وعرضه وماله وهكذا. وقد بين صلى الله عليه وسلم أن كامل الإيمان الذي يحب الخير لأخيه ويسعى إلى منفعته ويود تقدمه ويرجو الثروة له، ولا يتمنى ضررا يلحقه أو أذى يحيط به ليفيض عليهما نعم الله وفضله (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) وقد ضرب الله مثلا أعلى في الإيمان (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ٨ والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ٩ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) ١٠ من سورة الحشر.
ولممحمود باشا سامي البارودي يصف تحريف الوشاة وأهل الغدر
ويصف نصفه بطهارة الذمة
لمْ أجنِ في الحبِّ ذنباً أستحقُّ به ... عُتباً ولكنها تحريف أقوال
ومن أطاع رواة السُّوء نضرَّة ... عن الصديق سماع القيل والقال
أدهى المصائب غدرٌ قبله ثقةٌ ... وأقبح الظالم صدٌّ بعد إقبال
لا عيب فيَّ سوى حرية ملكتْ ... أعِنَّتي من قبول الذُّلِّ بالمال
تبعت خطَّة آبائي فسرت بها ... على وتيرة آباء وآسال
فما يمرُّ خيال الغدر في خلدي ... ولا تلوح سمات الشرِّ في خالي
قلبي سليمٌ ونفسي حرَّة ويدي ... مأمونة ولساني غير ختَّال
لكنني في زمانٍ عشت مغترباً ... في أهله حين قلتْ فيه أمثالي
بلوْت دهري فما أحمدت سيرته ... في سابق من لياليه ولاتال
حلبت شطريه من يسرٍ ومعسرة ... وذقت طعميهِ من خصبٍ وإمحال
فما أسفت لبؤسٍ بعد مقدرةٍ ... ولا فرحت بوفر بعد إملال
عفافة نزَّهت نفسي فما علقتْ ... بلوْثةٍ من غبار الذمِّ أذيالي
فاليوم لارسني طوع العباد ولا ... قلبي إلى زهرة الدنيا بميَّال =

<<  <  ج: ص:  >  >>