للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، فكساني خَيْشَتَيْنِ، فلقد رأيْتُني، وأنا أكسي أصحابي" رواه أبو داود والبيهقي كلاهما من رواية إسماعيل بن عياش.

[الخيشة] بفتح الخاء المعجمة، وسكون الياء المثناة تحت بعدها شين معجمة: هو ثوب يتخذ من مشاقة الكتان يغزل غزلاً غليظاً، وينسج نسجاً رقيقاً، وقوله: وأنا أكسى أصحابي: يعني أعظمهم، وأعلاهم كسوة.

لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه

١٧ - وعن ابن بُريدةَ قال: "قال لي أبي: لو رأيتنا، ونحن مع نبينا، وقد أصابتنا السماءُ حسبْتَ أن رِيحَنَا ريحُ الضأن" رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حديث صحيح.

[ومعنى الحديث]: أنه كان ثيابهم الصوف، وكان إذا أصابهم المطر يجئ من ثيابهم ريح الصوف انتهى. رواه الطبراني بإسناد صحيح أيضاً نحوه، وزاد في آخره: إنما لباسنا الصوف، وطعامنا الأسودان: التمرُ والماء.

١٨ - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرجتُ في غداةٍ (١) شاتيةٍ (٢) جائعاً، وقد أوْبَقَني (٣) البرد، فأخذت ثوباً من صُوفٍ قد كان عندنا، ثم أدخلتُهُ في عُنُقي، وحَزَمْتُهُ على صدري أسْتَدْفئ (٤) به، والله ما كان في بيتي شيء آكلُ منه، ولو كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم شيء لبَلَغَني، فذكر الحديث إلى أن قال ثم جئتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلستُ إليه في المسجد، وهو مع عصابةٍ (٥) من أصحابه، فطلع علينا مصعب بن عمير في بُرْدَةٍ (٦) مرْقُوعةٍ بِفَرْوَةٍ، وكان أنْعَمَ غلام بمكة (٧) وأرْفَهَهُ عيشاً، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم (٨)،

ورأى حاله التي هو عليها، فذرفت عيناه، فبكى، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خيرٌ أم إذا غُدِىَ (٩) على أحدكم بِحفنةٍ (١٠) من خُبزٍ


(١) ضحوة.
(٢) كثيرة البرد والمطر.
(٣) أهلكني.
(٤) يدفئني.
(٥) جماعة من الناس والخيل الطير.
(٦) حلة.
(٧) المعنى أنه أكثر تنعماً، وعزاً ورفاهية.
(٨) ذكر صلى الله عليه وسلم خيراته الجمة التي كان يتمتع بها سابقاً، وحالته التي عليها قد زالت أبهة الغنى ومر عليه الفقر فرقع بردته، ثم طمأنهم صلى الله عليه وسلم بحسن حالهم، وزيادة نعيمهم في الجنة، وبشرهم برضا ربهم، وأن الفقر خير من كثرة المال "أنتم اليوم خير".
(٩) أي مر عليه صباحاً.
(١٠) إناء الطعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>