للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، الحديث

٢ - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ: الثَّيِّبُ (١)

الزاني، والنَّفْسُ بالنَّفُسِ، والتاركُ لدينه المفارقُ للجماعة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.


(١) المتزوج المحصن قال تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" (٢ من سورة النور).
فلقد وضع الله حداً للزنا، واتفق أهل الملل على تحريمه، وعرفه الفقهاء بأنه إيلاج المكلف حشفته الأصلية المتصلة أو قدرها في فرج محرم مشتهى طبعاً، بخلاف الميتة والبهيمة مع الخلو عن الشبهة. واللواط، وهو إيلاج الحشفة أو قدرها في دبر ذكر أو أنثى، ويحد المحصن الزاني أو اللائط إن كان مكلفاً حراً سبق له وطء في نكاح صحيح ذكراً كان أو أنثى بالرجم بالحجارة المعتدلة حتى يموت بقدر ملء الكف لا بحصى صغيرة لئلا يطول تعذيبه ولا كبيرة لئلا يموت حالاً فيفوت التنكيل الذي هو المقصود من الرجم، ويجب أن يتوقى الوجه. ويحد غير المحصن والمراد به حر مكلف لم يسبق له وطء في نكاح صحيح مائة جلدة ويغرب سنة إلى مسافة القصر، ويحد المكلف الرقيق خمسين جلدة ويغرب نصف سنة سواء سبق له نكاح شرعي أو لا، قال تعالى: "فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" (٢٥ من سورة النساء). أي الجلد والتغريم لا الرجم.
وفي العيني في باب قول الله تبارك وتعالى: "النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (٤٥ من سورة المائدة).
بإحدى ثلاث: أي بإحدى خصال ثلاث:
(أ) الثيب من ليس ببكر يقع على الذكر والأنثى يرجم بالحجارة، وغير المحصن يجلد مائة.
(ب) النفس بالنفس: أي تقتل النفس التي قتلت عمداً بغير حق بمقاتلة النفس المقتولة.
(جـ) المارق لدينه قال الطيبي هو التارك لدينه، من المروق وهو الخروج: أي المرتد. وقد أجمع العلماء على قتل الرجل المرتد إذا لم يرجع إلى الإسلام وأصر على الكفر. واختلفوا في قتل المرتدة فجعلها أكثر العلماء كالرجل المرتد، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا تقتل المرتدة لعموم قوله: "نهى عن قتل النساء والصبيان" وفي قوله "التارك للجماعة" إشعار بأن الدين المعتبر هو ما عليه الجماعة. وقال الكرماني: فإن قلت: الشافعي يقول يقتل بترك الصلاة. قلت لأنه تارك للدين الذي هو الإسلام، يعني الأعمال. ثم قال لم لا يقتل تارك الزكاة والصوم. وأجاب بأن الزكاة يأخذها الإمام قهراً. وأما الصوم فقيل تاركه يمنع من الطعام والشراب لأن الظاهر أنه ينويه لأنه معتقد لوجوبه. أهـ. باختصار ص ٤١ جـ ٢٤
وكذا الصائل يجوز قتله للدفع، ولا يحل تعمد قتله إذا اندفع بدون ذلك، وداخل في قوله صلى الله عليه وسلم "التارك للجماعة" واستدل به أيضاً على قتل الخوارج والبغاة لدخولهم في مفارقة الجماعة. والذي ينفذ حدود الله الإمام الراعي الذي نصبه الله والياً شرعياً ينفذ أوامره جل وعلا ويراعى نواهيه. قال تعالى: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً" (٢١ من سورة النساء).
لقد حفظ الله دم الإنسان من الضياع وجعل له حرمة وكرامة وسن في شرائعه السابقة "من قتل نفساً بغير =

<<  <  ج: ص:  >  >>