للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عملٍ، رواه النسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال:


= والدليل من الكتاب قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) إلى آخر الآية.
قال البيضاوى: أي إذا أردتم القيام، كقوله تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) عبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها للإنجاز، والتنبيه على أن من أرد العبادة ينبغى أن يبادر إليها بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة - أو إذا قصدتم الصلاة لأن التوجه إلى الشئ إليه قصد له، وظاهر الآية وجوب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، وإن لم يكن محدثا، والإجماع على خلافة لما روى أنه عليه الصلاة والسلام صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد يوم الفتح فقال عمر رضي الله عنه: صنعت شيئا لم تكن تصنعه، فقال: عمدا فعلته، فقيل مطلق أراد به التقييد - والمعنى إذا قمتم إلى الصلاة محدثين. وقيل الأمر فيه للندب أهـ ص ١٦٩.
قال النووي: اختلف أصحابنا في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه: أحدها أنه يجب بالحدث وجوبا موسعا.
ثانيهما: ألا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة. ثالثها: يجب بالأمرين وهو الراجح أهـ.
الآية الثانية: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) ٢٢٢ من سورة البقرة: أي يحب من طهر من الذنوب والأقذار، وبعد من الفواحش، وتنزه عن الكبائر، وأقدم إلى ربه نادما راجياً.
الآية الثالثة قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير)، ٩ سورة التحريم: أي ارجعوا عن ذنوبكم واعزموا عزمة بالغة في النصح أو توبوا نصيحا لأنفسكم، وسئل على رضى الله عنه تعالى عن التوبة فقال: يجمعها ستة أشياء: على الماضى من الذنوب الندامة، وللفرائض الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم. وأن تعزم على أن لا تعود، وكما قال صلى الله عليه وسلم (هم غر محجلون من أثر الوضوء).
اقرأ باب الوضوء أيها المسلم، وتمعن في تفهمه، وترو في درسه، تجد حلاوة الوضوء بها، وجمالا، ونظافة، وكمالا، وصحة ونورا - طهارة الفم من الأقذار الجراثيم الباقية من الطعام والشراب، والمحافظة على كنز الأسنان وحفظها من السوس الألد في الضرر. هذا إلى نظافة الفم مما علق به من الغبار والتراب ثم نظافة العينين والخدين (تعرف في وجوهم نضرة النعيم) والمعجزة الخالدة مسح الرأس حتى يتمرن الجسم على مصادمة الهواء، وحتى يزول العرق السام وحتى يتنعم الجسم نضارة، فلا يمرض من شدة الهواء، ولا تصيبه كحة، ولا ترمد عيناه، وعنه صلى الله عليه وسلم أخذت المدينة الحديثة اليوم: غسل الرأس، وكشفها وتمشيطها، وتعريضها للهواء، ثم تنظف القدمان من الأوساخ وتخلل الأصابع، وقد غبط الفرنجة المسلمين في هذه الفعلة المحمودة وعملوا صباحا وظهرا ومساء، وآسف من قوم يفعلونها نظافة وطهارة ولكن لا يصلون لعمى الوضوء مطهرة غفل الله عنها اللاهون عن الله، الناسون حقوق الله، والله تعالى ما فرضه إلا سياجا للحكمة وثمرة للصحة، وبابا للنظافة، وعنوانا للخير والبر والإحسان والكمال.
وهل تجد أبدع فائدة للوضوء من ميزة خاصة ونور يتلألأ يوم الشدائد والأهوال، فيميز الله الخبيث من الطيب فيردون على حوض رسول الله صلى الله عليه، وتحاط بهم ملائكة الرحمة، ويمدهم الله بظله، ويقيهم المكاره، ويمنع عنهم العذاب، ومصداق ذلك قوله تعالى:
(الدليل الرابع) (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) ١٢ يوم يقول المنافقون للذين آمنوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>