للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلتُ: عليك السلامُ يا رسول الله. قال: لا تقل: عليك السلامُ، عليك السلامُ تحيةُ الميتِ (١) قل: السلامُ عليك. قال: قلتُ: أنت رسول الله؟ قال: أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضُرٌّ، فدعوتهُ كَشَفَهُ عنك، وإن أصابك عامُ سَنَةٍ فدعوتهُ أنبتها لك، وإذا كنت بأرضٍ قَفْرٍ، أو فلاةٍ، فَضَلَّتْ راحلتك، فدعوته رَدَّهَا عليك (٢). قال قلتُ: اعهد إليَّ. قال: لا تَسُبَّنَّ أحداً (٣)، فما سببتُ بعدهُ حُراً ولا عبداً، ولا بعيراً، ولا شاةً. قال: ولا تَحْقِرَنَّ شيئاً من المعروف، وأن تُكَلِّمَ أخاك، وأنت مُنْبَسِطٌ إليه (٤) وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك (٥) إلى نصف الساق، فإن أبيت (٦)، فإلى الكعبين، وإياك وإسبالَ الإزارِ (٧)، فإنها من المخيلةِ وإن الله لا يُحبُّ المخيلةَ، وإن امرؤ شتمك وعَيَّرَكَ بما يعلمُ فيك فلا تُعَيِّرْهُ بما تعلمُ فيه فإنما وَبَالُ ذلك (٨)

عليه" رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والنسائي مختصراً في رواية لابن حبان نحوه، وقال فيه: "وإنِ امرؤٌ عَيَّرَكَ بشيءٍ يعلمهُ فيك، فلا تُعَيِّرْهُ بشيءٍ تعلمهُ فيه، وَدَعْهُ يكونُ وبالهُ عليه، وأجره لك، ولا تَسُبَّنَّ شيئاً. قال: فما سببتُ بعد ذلك دابةً ولا إنساناً".

[السنة]: هي العام المقحط الذي لم تنبت فيه الأرض، سواء نزل غيث أو لم ينزل.

[المخيلة]: بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة، من الاختيال، وهو الكبر واستحقار الناس.

٧ - وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:


(١) الميت كذا (ط وع ص ٢٠٢)، وفي (ن د): الموتى.
(٢) في (ن د): لك.
(٣) لا تتعد على أحد بالسب والشتم.
(٤) أنت في غاية البشاشة وطلاقة الوجه.
(٥) قصره.
(٦) امتنعت.
(٧) احذر إرخاء الثوب وإمداده حتى يجر على الأرض، ففيه الحث على التواضع وعدم التكبر.
(٨) ضرر سبه يعود عليه بالعقاب. مكارم أخلاق من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتجنب السب ويهجر الشتم رجاء أن يسلم من عقاب الله جل وعلا وينظر لأخيه بمنظار الحسن والكمال والأدب رجاء ثواب الله جل وعلا ولا يذكر له عيوباً ولا يذكر له قبائح خشية عذاب الله، فكل شيء يصدر من العبد محاسب عليه، فالكيس من كظم غيظه وصبر وترك ميدان التطاحن والسباب، وعود لسانه عذب الألفاظ وحميد الكلام وطيب القول، وهكذا أخلاق الصالحين: أدخلنا الله برحمته فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>