كل العداوة قد ترجى إماتتها ... إلا عداوة من عاداك من حسد ليس المؤمن بحسود ولذا يسود وينجح في أعماله: (و) وفي كتاب الزاوجر: الكبيرة الثالثة الغضب بالباطل والحقد والحسد. قال ابن حجر الهيتمي: لما كانت هذه الثلاثة بينها تلازم وترتب، إذا الحسد من نتائج الحقد والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة، قال الله تعالى: "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها" (من سورة الفتح). الله سبحانه وتعالى ذم الكفار بما تظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب بالباطل ومدح المؤمنين بما أنزل عليهم من السكينة والطمأنينة الناشئ عنها إلزامهم كلمة التقوى وأنهم هم أهلها وأحق بها. أهـ ص ٤٣ جـ ١، (الحمية): الأنفة، والسكينة الثبات والوفاء، وكلمة التقوى الشهادة أو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ محمد رسول الله اختارها لهم، أو الثبات والوفاء بالعهد والتحلي بآداب الله وتنفيذ أوامره. (ز) وقال تعالى: "وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين" (٦٠ - ٦١ من سورة يونس). أي شيء ظنهم؟ أيحسبون أن لا يجازوا عليه؟ وفيه إنذار العصاة، ويدخل الحسد في ذلك، وفيه إيهام الوعيد تهديد عظيم؛ فالله تعالى أنعم عليهم بالعقل وهداهم بإرسال الرسل وبإنزال الكتب فعليهم أن يتعظوا ويعملوا صالحاً (شأن) أي أمر يقصد إلا والله يعلمه، وكذا الأعمال جليلها وحقيرها (تفيضون): تخضون فيه وتندفعون، وما يعزب ولا يبعد عنه ولا يغيب عن علمه (كتاب) اللوح المحفوظ، قال تعالى: "إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون" (٤٤ من سورة يونس). (ح) وقال تعالى: "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً" (٣٢ من سورة النساء). (ط) وقال تعالى: "ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط" (١١٩ - ١٢٠ من سورة آل عمران). (ي) وقال تعالى: "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" (٨٩ من سورة الشعراء). (ك) وقال تعالى: "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم" (١٠ من سورة الحشر). (تبوءوا): نزلوا، والمراد الأنصار تبوءوا مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فانشرحت صدورهم للمسلمين الغرباء ويفرحون بقضاء طلبهم، وذهبت عنهم الحزازة والحسد والغيظ، ويقدمون المهاجرين على أنفسهم =