للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ (١)، وَخَيْرُ الخطَّائِينَ التَّوَّابُونَ (٢). رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم كلهم من رواية علي بن مسعدة، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

١٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ عَبْداً أَصَابَ ذَنْباً، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذنَبْتُ ذَنْباً فاغْفِرْهُ (٣)، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيأْخُذُ بِه (٤)، فَغَفَرَ لَهُ، ثُمَّ مَكثَ (٥) مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْباً آخَرَ، وَرُبَّمَا قالَ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ، فَقَالَ: يا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْباً آخَرَ فاغْفِرْهُ لِي. قالَ رَبُّهُ: علِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، فَغَفَرَ لَهُ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْباً آخَرَ، وَرُبَّمَا قالَ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِه، فَقَالَ رَبُّهُ: غَفَرْتُ (٦) لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ. رواه البخاري ومسلم.

[قوله: فليعمل ما شاء] معناه والله أعلم: أنه ما دام كلما أذنب ذنباً استغفر وتاب منه، ولم يعد إليه بدليل قوله: ثم أصاب ذنباً آخر فليفعل إذا كان هذا دأبه ما شاء لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره، لا أنه يذنب الذنب، فيستغفر منه بلسانه من غير إقلاع ثم يعاوده، فإن هذه توبة الكذابين.


(١) كثير الأخطاء.
(٢) الذين يندمون على جريرتهم ويذمون أنفسهم على تقصيرها، ويكثرون التضرع إلى الله جل وعلا بالغفران وطلب الرضوان والعفو عما اقترفوه.
(٣) اللهم اعف وسامح.
(٤) يعاقب عليه.
(٥) انتظر زمناً طويلاً.
(٦) الذنوب الثلاثة وعفوت عنه تفضلاً. قال القسطلاني: إذا كان هذا دأبه يذنب الذنب فيتوب منه ويستغفر لا أنه يذنب الذنب ويتوب ثم يعود إليه، فإن هذه توبة الكذابين. قال أبو العباس: في المفهم: هذا الحديث يدل على عظم فائدة الاستغفار وكثرة فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه، لكن هذا الاستغفار هو الذي يثبت معناه في القلب مقارناً للسان لتنحل به عقدة الإصرار، ويحصل معه الندم ويشهد له حديث "خياركم كل مفتن تواب" أي الذي يتكرر منه الذنب والتوبة فكلما وقع في ذنب عاد إلى التوبة، لا من قال أستغفر الله بلسانه وقلبه مصر على تلك المعصية أهـ ص ٣٥٤ من جواهر البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>