للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: بَلْ بَابَ التَّوْبَةِ والرَّحْمَةِ (١).

رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح.

١٥ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ (٢). رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن.

[يغرغر] بغينين معجمتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة وبِراء مكررة: معناه ما لم تبلغ روحه حلقومه فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به.

١٦ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي (٣)؟ قالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ (٤) مَا اسْتَطَعْتَ (٥)،


(١) أي أطلب قبول التوبة ونزول الرحمة إنك يا الله غفور رحيم، قال تعالى: [حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم (٢) غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير (٣)] من سورة غافر.
[الطول] الفضل بترك العقاب المستحق.
[المصير]: يرجع إليه جل وعلا في إثابة المطيع وتعذيب العاصي، اختار صلى الله عليه وسلم فتح باب رضوان الله وطلب عليه الصلاة والسلام إنعامه على عباده وإحسانه وتفضله ورغب عن المال، لأنه عرض زائل فان. ماذا يفيدك أيها المسلم لو حول الله لك الجبال ذهباً؟ ماذا تصنع بها.
[وكل نفس ذائقة الموت] وكل نعيم لا محالة زائل [وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ولدار الآخرة خير للذين يتقون] من سورة الأنعام.
فهل تتوب إلى ربك جل وعلا وتقبل على الأعمال الصالحات وتكثر من ذكر الله والصدقات وتدخر ثوابها عند العزيز الوهاب فتتنعم بها في آخرتك [ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (٩٦) من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (٩٧)] من سورة النحل.
إن شاهدنا وعد الله حفظ النعيم للصالح التقي أن يمده بإفضاله وإكرامه، وهذا ما طلبه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته. صلى الله عليك يا رسول الله علمت المطيعين المخلصين الزهد والقناعة والرغبة في فعل البر والخير والإكثار من طاعة الله جل وعلا والإقبال عليه سبحانه بجليل الأعمال، وكنت لنا المثل الأعلى في ترك حطام الدنيا ونبذه وتشييد المحامد والمكارم، وقد روى لنا الإمام مسلم في حديث أبي هريرة "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو أبي بكر وعمر فقال ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قال الجوع يا رسول الله قال وأنا الذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا فقاموا معه فأتى رجلاً من الأنصار" الحديث ص ٢٧٥ مختار الإمام مسلم.
قال النووي: فيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه من التقلل من الدنيا وما ابتلوا به من الجوع وشيق العيش، فإذا حصل يسر أنفق في طاة الله من وجوه البر وإيثار المحتاجين وتجهيز السرايا: أي الجيش يحارب في سبيل الله تعالى أهـ، فلعلك فهمت سر الإعراض عن الجبال أن تكون ذهباً ورغبته صلى الله عليه وسلم في قبول التوبة وفعل الصالحات لله تعالى. نسأل الله الهداية والتوفيق.
(٢) مدة عدم احتضاره وقرب خروج روحه، ففيه الحث على سرعة التوبة والندم والعمل بكتاب الله وسنة نبيه.
(٣) انصحني نصائح أعمل بها.
(٤) الزم الخوف من الله والعمل لإرضائه وتجنب سخطه واترك المعاصي وصحبة الأشرار.
(٥) قدر طاقتك ومدة استطاعتك كما قال تعالى: [فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (١٦)] من سورة التغابن. =

<<  <  ج: ص:  >  >>