للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلِيَائِي عِنْدِي (١)

لَمُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلاَةٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَأَطَاعَهُ في السِّرِّ (٢)، وَكَانَ غَامِضاً في النَّاسِ (٣) لاَ يُشَارُ إِلَيْهِ بالأَصَابِعِ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً (٤)، فَصَبَرَ عَلى ذَلِكَ (٥)، ثُمَّ نَقَرَ بِيَدِهِ (٦) فَقَالَ: عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ، قَلَّتْ بَواكِيهِ، قَلّ تُرَاثُهُ. رواه الترمذي من طريق عبيد الله بن زحر عن عليّ بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة ثم قال: وهذا الإِسناد عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِيَ بَطْحَاءَ مَكَّةَ (٧)

ذَهَبَاً، قُلْتُ: لاَ يَا رَبِّ، وَلكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً، وأَجُوعُ يَوْماً، أَوْ قالَ: ثَلاَثاً، أَوْ نَحْوَ هذَا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ (٨) إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ (٩)، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ. ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن.

٥٠ - وروى ابن ماجة والحاكم الحديث الأول إلا أنهما قالا: أَغْبَطُ النَّاسِ


(١) أوليائي عندي كذا ط وع ص ٣٢٩ - ٢ وفي ن د أولياء الله عز وجل. وأرى أن نسخة دار الكتب أقرب إلى الصحة: أي أن أحسن شيء يتمنى المؤمنون الأتقياء البررة أن ينال حظ ذلك الذي تحلى بخلال ستة.
أ - ماله قليل.
ب - يحسن الصلاة.
جـ - يخلص في العبادة.
د - يميل إلى الأعمال الصالحة التي تفعل في السر.
هـ - لا يحب الشهرة وإذاعة الصيت.
و- عيشة كفاف، خفيف الحساب.
(٢) بعيداً من الرياء.
(٣) يميل إلى العكوف في عقر داره.
(٤) الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء، ويكون بقدر الحاجة، ومنه حديث عمر: وددت أني سلمت من الخلافة كفافاً لا علي ولا لي أهـ نهاية.
(٥) فحبس نفسه على الطاعة ورضي وقنع.
(٦) أي دق بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم وزاد من صفاته قرب منيته وقلة من ينعيه ويرثيه وقلة الإرث ففيه الترغيب بالإقبال على الذكر والتسبيح والطاعة والتقليل من زخارف الدنيا ما أمكن.
(٧) الحصى الصغار الموجودة في الجبال. لم يرض صلى الله عليه وسلم بزهرة الدنيا لشدة قناعته وزهده وإعراضه عن الدنيا واختار صلى الله عليه وسلم قليلاً يأكل يوماً فيشبع فيحمد ربه ويثني عليه جل وعلا، ولا يجد شيئاً يوماً فيجوع فيتضرع إلى ربه ويسأله سمو الدرجات وعظيم الرضوان، وفي هذا المعنى يقول الإمام البوصيري يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى ... أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوى ... تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب ... عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته ... أن الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
(٨) التجأت إليك طالباً بذل وخشوع.
(٩) سبحتك كثيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>