للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا بْنَ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ وَمَالِي لاَ أَبْكِي! وَهذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ وَهذِهِ خِزَانَتُكَ لاَ أَرَى فِيهَا إِلاَّ مَا أَرَى، وَذَاكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ في الثِّمارِ وَالأَنْهَارِ، وَأَنْتَ نَبيُّ اللهِ وَصَفْوَتُهُ وَهذِهِ خِزَانَتُكَ. قالَ: يَا بْنَ الْخَطَّابِ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ ولَهُمُ الدُّنْيَا؟ رواه ابن ماجة بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.

ولفظه قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اسْتَأْذَنْتُ علَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ في مَشْرُبَةٍ (١) وَإِنَّهُ لَمُضْطَجِعٌ عَلَى خَصَفَةٍ (٢) إِنَّ بَعْضَهُ لَعلَى التُّرَابِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفاً، وَإِنَّ فَوْقَ رَأْسِهِ لإِهَاباً (٣)

عَطِناً، وَفي نَاحِيَةِ الْمَشْرُبَةِ قَرَظٌ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: أَنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَصَفْوَتُهُ، وَكِسْرَى وَقَيْصَرُ عَلى سُرُرِ الذَّهَبِ وَفُرشِ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ، فَقَالَ: أُولئِكَ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ وَهِيَ وَشِيكَةُ الانْقِطَاعِ، وَإِنَّا قَوْمٌ أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنا في آخِرَتِنَا. رواه ابن حبان في صحيحه عن أنس أن عمر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه.

[المشربة] بفتح الميم، والراء وبضم الراء أيضاً: هي الغرفة.

[وشيكة الانقطاع]: أي سريعة الانقطاع


= وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوماً أن ترد الودائع
أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ... ونال من الدنيا سروراً وأنعما
كبان بنى بنيانه فأقامه ... فلما استوى ما قد بناه تهدما
هب الدنيا تساق إليك عفواً ... أليس مصيرك ذاك إلى انتقال
وما دنياك إلا مثل فيءٍ ... أظلك ثم آذن بالرحيل
وقال أبو الدرداء: من هوان الدنيا على الله أن لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها، وفي ذلك قيل:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
(١) الغرفة، كذا في النهاية.
(٢) الجلة التي يكنز فيها التمر، ومنه الخصف وهو ضم الشيء إلى الشيء لأنه شيء منسوج من الخوص ومنه الحديث "كان له خصفة يحجرها ويصلي عليها. أسمى من الملك وأثاثه فرش من خصوص. نهاية الزهد يا رسول الله.
(٣) لجلداً مرق شعره وأنتن في الدباغ، والمعطون المنتن المتمرق في الشعر، يقال عطن الجلد فهو عطن ومعطون. يشهد سيدنا عمر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة أشبه بالكوخ على نسيج الخوص ويعلق راوية كإناء للماء ليطهر وليتنظف وليشرب منه، ووجهه صلى الله عليه وسلم يتلألأ سروراً من هذه الحالة هو راض قانع مستبشر فرح ذو ثقة بثواب الله تعالى المدخر له ولمن صبر من أمته. قال سيدنا عيسى =

<<  <  ج: ص:  >  >>