للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَما كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ (١) بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ أَرْسَلَتْ إِليَّ تَسْتَعِيرُهُ. رواه البخاري

١٣١ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وَلَيْسَ عِنْدِي شَيءٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ (٢) إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ في رَقٍ لي (٣)، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ (٤) عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ (٥) فَفَنِيَ. رواه البخاري ومسلم والترمذي.

ما تركه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

١٣٢ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمَاً وَلاَ دِيناراً، وَلا عَبْداً، وَلا أَمةً، وَلا شَيئاً إِلا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ التي كانَ يَرْكَبُهَا وَسِلاحَهُ، وَأَرْضاً جَعَلَهَا لابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً (٦).

رواه البخاري.


(١) تزين لزفافها، والتقيين: التزيين، والقينة: الأمة غنت أو لم تغن والماشطة.
(٢) صاحب حياة ذو روح.
(٣) جلد. وفي رواية: رف ٣٥٠ - ٢ - ع
(٤) بارك الله لي فيه مدة طويلة.
(٥) قدرته أي لما أحصته وتوجهت همتها إليه وتعلقت به فني. وقد كنا عائلة خمسة إخوة يأكلون في إناء واحد وتأتي الذرة فتوضع في مخازنها، وكذا القمح فكان أحدنا المتصرف ينفق ويبيع، ولا تنقص المخازن حتى تأتي الزراعة الجديدة والغلة الحديثة وكنا نلمس البركة وندرك خير الألفة ونجني ثمرة المحبة، ولما كلنا وحسبنا وعددنا وتفرقنا نقص المحصول ونفدت الذرة أو القمح من المخازن ولم يكف ما نتج فاشترينا.
(٦) رسول الله صلى الله عليه وسلم فارق الدنيا بجليل الأعمال الصالحة الطيبة المثمرة وترك فيها:
أ - مركباً.
ب - سلاح الجهاد والدفاع لتعرف أمته أن عزها في شجاعتها وشممها وحسن استعدادها.
جـ - صدقة جارية. ما ترك ضيعة أو ذهباً أو قصوراً.
لماذا؟ لزهده، ولأن الفقر يقرب إلى الله تعالى كما قال سبحانه:
أ -[أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا]. قال الغزالي وجاء في التفسير على الزهد في الدنيا.
ب - وقال جل شأنه [إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً] قيل معناه أيهم أزهد فيها فوصف الزهد بأنه من أحسن الأعمال.
جـ - وقال جل شأنه [من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب].
د - وقال تعالى للمثل الأعلى للزهد الذي أقبل على ربه بالطاعات ليل نهار وجاهد وجالد [ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزاوجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى (١٣١) وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى (١٣٢)] من سورة طه.
التاريخ الصحيح نقل لنا أخبار عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد الثقات بذلك، وقد حضر آلاف من المسلمين في عصره فلما وجدوا له شيئاً. لماذا؟ لزهده. يا عجباً الذي دانت له المعمورة وخضعت له الأكاسرة وذلت له الجبابرة وسار ذكره مسير الشمس وطار صيته وعظم جاهه لا يترك إلا بغلة وسلاحاً، نعم لأنه صلى الله عليه وسلم يريد ما عند الله تعالى ولتتأس به أمته وتترك التطاحن والتشاحن والتكالب على حب الدنيا ولتقبل على الله الرزاق الحي الموجود، قال الشاعر:
يا راقد الليل مسروراً بأوله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
كم قد أبادت صروف الدهر من ملك ... قد كان في الدهر نفاعاً وضرارا =

<<  <  ج: ص:  >  >>