للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك

ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ (١) فَلاَ تَنْتَظِر الصَّباحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ (٢) لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ (٣) لِمَوْتِكَ. رواه البخاري والترمذي ولفظه:

قالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ: كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكض غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ في أَصْحَابِ الْقُبُورِ (٤)، وَقَالَ لي: يَا ابْنَ عُمَرَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ فلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بالصَّبَاحِ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي يَا عَبْدَ اللهِ مَا اسْمُكَ غداً

ورواه البيهقي وغيره نحو الترمذي.

١٨ - وَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: أَوْصِنِي قالَ: اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، واعْدُدْ نَفْسَكَ في الموْتَى، واذْكُرِ اللهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وعِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فاعْمَلْ بِجَنْبِهَا حَسَنَةً، السِّرُّ بِالسِّرِّ والْعَلانِيَةُ بالْعَلانِيَةِ. رواه الطبراني بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعاً بين أبي سلمة ومعاذ.

١٩ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَنَا أُطَيِّنُ (٥) حَائِطاً لِي أَنَا وأُمِّي فَقَالَ: مَا هذَا يا عَبْدَ اللهِ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ فَقَالَ: الأَمْرُ (٦) أَسْرَعُ مِنْ ذَلك.


(١) دخل المساء وهو بعد الظهر فسلم لله نفسك ولا تأمل أن تصبح حياً.
(٢) اعمل في حالة الصحة وادخر واقتصد.
(٣) خذ من حياتك زاداً يصحبك بعد الموت، وهو العمل الصالح في الدنيا.
(٤) مع الموتى.
(٥) أبني وأمرر عليه طبقة من الطين دهاكة.
(٦) حال الآخرة أصعب وأعسر وأسرع من اللحوق بك قبل أن تبلى، ولقد ثبت أن الذي يستغرق عمره في الدنيا بآماله وأمانيه هو الذي استولى عليه الشيطان. وكان قائده في حياته ودخل في زمرة أعوانه كما قال تعالى في الشيطان "لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً (١١٨) ولأضلهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً (١١٩) يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً (١٢٠) أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصاً (١٢١) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً وعد والله حقاً ومن أصدق من الله قيلا (١٢٢)] من سورة النساء.
إن شاهدنا ولأمنينهم: أي أطلق لهم الأفكار في الأماني وطول الأمل وفسحة الأجل وأحبب لهم المال زهرة الدنيا، ولكن الصالح التقي العامل بالسنة يزهد ويقنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>