للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣ - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هذَا ابْنُ آدَمَ وَهذَا أَجَلُهُ، وَوَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ قَفَاهُ ثُمَّ بَسَطَهَا وَقَالَ: وَثُمَّ أَمَلُهُ (١)، وَثُمَّ أَمَلُهُ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، ورواه النسائي أيضاً وابن ماجة بنحوه.

٢٤ - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: هَلْ تَدْرُونَ مَا مِثْلُ هذِهِ وَهذِهِ؟ وَرَمَى بِحَصَاتَيْنِ. قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: هذَا الأَمَلُ وذَاكَ الأَجَلُ (٢). رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

اقتربت الساعة

٢٥ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ (٣)،


(١) يجاور ابن آدم أجله وهما متلاصقان متقاربان متصاحبان ويليهما الأمل الذي يحبب إليه الكد في الدنيا والجد ويجمع المال ليفعل كيت وكيت، وهكذا من صنوف الأفكار.
إن الله تعالى أباح الجد في الدنيا والعمل والسعي لطلب الرزق والربح، ولكن التحذير من طول الأمل الذي فيه الغفلة عن الله وضياع حقوق الله والتقصير في واجب الله فلا صلاة ولا صوم ولا صدقة ولا خير يفعل أبداً ما، وتعلل النفس بكثرة الخير ووفرته ولا يوجد في حلال هذا عمل صالح لله. هذا المنهي عنه فقط، وهذا الأمل الكاذب والسراب الخادع.
(٢) الأمل والأجل صنوان متقاربان بينهما مثل البعد بين حصاتين رميتهما.
(٣) قرب قيام يوم القيامة، والنبي صلى الله عليه وسلم علامة من علامات قرب يوم القيامة وآية قربها كما قال تعالى [اقتربت الساعة وانشق القمر (١) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (٢) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (٣) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (٤) حكمة بالغة فما تغني النذر (٥) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر (٦) خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (٧) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (٨)] من سورة القمر.
ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم آية صدقه وعلامة رسالته، قال ابن مسعود رضي الله عنه: رأيت حراء بين فلقتي القمر فأعرض الكفار عن تأملها والإيمان بها (مستمر) قوي محكم مستقر كائن في وقته أو منته إلى غاية من خذلان أو نصر في الدنيا وشقاوة أو سعادة في الآخرة (الأنباء) أخبار القرون الماضية أو أنباء الآخرة من تعذيب أو وعيد (الداع) إسرافيل (نكر) فظيع وهو هول يوم القيامة لم تعهد النفوس مثله يخرجون من القبور خاشعة ذليلة أبصارهم من الهول (مهطعين) مسرعين مادي أعناقهم إليه، أو ناظرين إليه (عسر) صعب شديد. تتجلى عليهم أنوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يقبلون على تعاليمه ولا يعكفون على طاعة الله وأمامنا القرآن الآن والسنة فنعرض عن العمل بهما فنزداد تباعداً فلا حول ولا قوة إلا بالله. يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر المسلمين بدنو القيامة فالبدار البدار لصالح الأعمال والتحلي بالكمال وغرس الباقيات بكثرة ذكر الله تعالى وتسبيحه والإنفاق في الطاعات وإلا نموت ونحيا فنعذب كما أخبر الله تعالى عن تعذيب من لم يؤمن بالرسل كما قال تعالى [أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون (١) ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون (٢)] من سورة النحل.
كان الكفار يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم من قيام الساعة أو إهلاك الله تعالى إياهم كما فعل يوم بدر استهزاء وتكذيباً ويقولون إن صح ما تقوله فالأصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت (أتى أمر الله) والمعنى أن الأمر الموعود به بمنزلة الآتي المحقق من حيث إنه واجب الوقوع فلا تستعجلوا وقوعه فإنه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم منه (بالروح) بالوحي أو بالقرآن فإنه يحيي به القلوب الميتة بالجهل أو يقوم في الدين مقام =

<<  <  ج: ص:  >  >>