للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الحافظ]: رووه كلهم عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمران، ورواه ابن حبان أيضاً بنحوه عن أبي عامر الخزّار عن الحسن عن عمران، وهذه جيدة إلا أن الحسن اختلف في سماعه من عمران، وقال ابن المديني وغيره: لم يسمع منه، وقال الحاكم: أكثر مشايخنا على أنّ الحسن سمع من عمران، والله أعلم.

٥ - وَعَنِ ابْنِ أُخْتِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ عَنْ زَيْنَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: كَانَتْ عَجُوزٌ تَدْخُلُ عَلَيْنَا تُرَقِّي مِنَ الْحُمْرَةِ (١)، وَكَانَ لَنَا سَرِيرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِمِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا دَخَلَ تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ فَدَخَلَ يَوْمَاً فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ احْتَجَبَتْ مِنْهُ (٢)، فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلى جَانِبي فَمَسَّنِي، فَوَجَدَ مَسَّ خَيْطٍ فَقَالَ: مَا هذَا؟ فَقُلْتُ: رُقِيَ لِي فِيهِ مَن الْحُمْرَةِ (٣)، فَجَذَبَهُ فَقَطَعَهُ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللهِ أَغْنِيَاءَ عَنِ الشِّرْكِ (٤) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ (٥). قُلْتُ: فَإِنِّي خَرَجْتُ يَوْماً فَأَبْصَرَنِي فُلانٌ فَدَمَعَتْ عَيْنِي الَّتِي تَلِيهِ، فَإِذَا رَقَيْتُهَا سَكَنَتْ (٦) دَمْعَتُهَا، وَإِذَا تَرَكْتُهَا دَمَعَتْ (٧)؟ قالَ: ذَلِكَ الشَّيْطَانُ إِذَا أَطَعْتَهُ تَرَكَكِ، وَإِذَا عَصِيتِهِ طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ في عَيْنِكِ، وَلكِنْ لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كانَ خَيْراً لَكِ، وَأَجْدَرُ (٨) أَنْ تُشْفَي: تَنْضَحِي (٩) في عَيْنِكِ الْماءَ وَتَقُولِي: أَذْهِبِ الْبَأْسَ (١٠)

رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ


(١) من الحمرة كذا د وع ص ٣٩٢ - ٢ أي مرض يجعل على الجسم بثوراً حمراء مع حرارة شديدة، وقانا الله تعالى.
(٢) امتنعت عن رؤيته.
(٣) في الأصل بالجيم، وهي الجمرة.
(٤) أي بعيدين من إسناد أي أثر فعال لغير الله وحده.
(٥) لاعتقاد أنها نافعة من دون الله.
(٦) زالت.
(٧) الدمع ماء العين، دمع من باب نفع وتعب وعين دامعة: أي سائل دمعها.
(٨) وأحق.
(٩) ترشي الماء رشاً، وفي النهاية وقد يرد النضح بمعنى الغسل والإزالة.
(١٠) أزل الألم يا خالق كل شيء .. علمها رضي الله عنه طريقة البرء والاعتماد على الله تعالى في إزالة المرض بالالتجاء إلى الله وحده في شفائها، قال تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم [قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (٤٩)] من سورة يونس.
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه ربه أن الأفعال بيد الله ولا يجلب لنفسه نفعاً أو يدفع عنها ضراً. لماذا؟ لأنه عبد حادث: والرب قادر ضار نافع وحده، فلما أنذر صلى الله عليه وسلم الكفار لكفرهم بالله واستبعدوا عذاب الله واستهزؤوا به [ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (٤٨)] من سورة يونس.
قال البيضاوي خطاب منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فقال صلى الله عليه وسلم: فكيف أملك لكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>