روى أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه يوما، وقد تغير وجهه، ونحل جسمه، فسأله عن حاله فقال: مابى من وجع غير أنى إذا لم أرك اشتقت إليك، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة، فخفت أن لاأراك هناك لأنى عرفت أنك ترفع مع النبيين، وإن أدخلت الجنة كنت في منزل دون منزلك، وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبداً، فنزلت: (ذلك الفضل من الله) إشارة إلى ماللمطيعين من الأجر، ومزيد الهداية ومرافقة المنعم عليهم - أو إلى فضل هؤلاء المنعم عليهم ومزيتهم - وهوعز شأنه خبير بجزاء مَنْ أطاعه - أن بمقادير الفضل، واستحقاق أهله أهـ ص ١٤٤. لقد زال العجب بفهم تفسير هذه الآية وذلك من حسن العبادة. هنيئاً لك يا ثوبان تتمتع برؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم، ثم يزيدك الإيمان تعلقا بجوار منزلته في الجنة. رب إنى أحب سيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مدى الحب، فهل تتفضل على عبدك الخاضع الذليل الحقير أن تمن عليه بالرؤيا الصالحة لأتمتع بمشاهدة محياه، ولأطفئ حرارة الشوق إلى جماله وكماله ومحامده ومحاسنه، قال صلى الله عليه وسلم: (من رآنى فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكوننى) ويقول العارفون إن كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب الرؤية مع الاستقامة. (١) أقسم بالله وجودهن، وصحة إدراكهن. (٢) السهم في الأصل واحد السهام التي يضرب بها في الميسر وهى القداح، ثم يفوز به الفالج سهمه، ثم كثر حتى سمى كل نصيب سهما ويجمع السهم على أسهم وسهام وسهمان، ومنه حديث بريدة: خرج سهمك بالفلج والظفر. أي إن الله جل جلاله يعطى ثوابه الكثير لمن له نصيب في أعمال الإسلام، ويجعل المقصر، والكسلان محروما من الأجر خاليا من الحسنات، وعد صلى الله عليه وسلم ثلاثة أركان الإسلام، فإن أخلص المسلم في أدائها فاز، وحظى بنعيم الله ورضوانه، وإلا فياخيبته، ويا حسرته يوم توزع الأجور، ويحاسب على الأعمال. (٣) يجعله عماده في أعماله، ووجهته في حاجاته، فيسأله، ويستعين به، ويخاف منه. =